للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وخير الهدي) يعني السلوك والمنهج (هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم) فصار عندنا الآن شريعة وعندنا ما يحصل به الشريعة الكتاب تحصل به الشريعة والشريعة منهاج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالكتاب خير الحديث كتاب الله وفي هذا الحديث دليل على أن القرآن يسمى حديثاً وقد قال الله تعالى (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً) (وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها) شر الأمور جمع أمر والمراد به أمور الدين أما أمور الدنيا فالحادث فيها ليس ببدعة شرعية وقوله (وكل بدعة ضلالة) كل بدعة يعني كل محدثة ضلالة لأن البدعة هي ما ابتدع وأحدث ضلالة حتى وإن زعم صاحبها أنه على هدى وأنه يريد الخير فإنها ضلالة لا تزيده من الله إلا بعدا فإن قال قائل كيف نجمع بين هذا الحديث الذي يعلنه الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في الخطبة وبين قوله صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة) قلنا الحمد لله أن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يقع فيه تناقض وإنما التناقض في الفهم فالبدعة التي أراد الرسول عليه الصلاة والسلام هي بدعة الدين أن يأتي الإنسان بدين لم يشرع سواء كان عقيدة أو قول أو فعل والسنة التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سن في الإسلام سنة حسنة) المراد بها الفعل يعني تنفيذ السنة بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها حينما جاء الرجل بصرة أثقلت يده بعد أن حث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الصدقة فإن هذا سن العمل بهذه السنة فكان أول الناس والناس له تبع أو يقال المراد بالسنة ما كان وسيلة لأمر مشروع كسنة تنقيط المصحف وإعرابه وجمعه وبناء المدارس وما أشبه ذلك هذه لا شك أنها سنة حسنة وإن كان لم يوجد أصلها في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وبذلك تلتئم الأدلة هنا يقول (إن خير الحديث كتاب الله) ونسمع بعض إخواننا

<<  <  ج: ص:  >  >>