الشيخ: هذا كلام المؤلف رحمه الله أنه إذا فعل هذه المفطرات جاهلاً فإنه لا يعذر فيفسد صومه وعليه القضاء واستدل بحديث (أفطر الحاجم والمحجوم) وهما لا يعلمان أن الحجامة مفطرة ومع ذلك قال (أفطر الحاجم والمحجوم) وقد أورد ابن القيم هذا الحديث على شيخه الذي يقول إنه لا يفطر مع الجهل ولا يفسد صومه مع الجهل فقال إن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يقل أفطرتما فاقضيا فهو لم يخاطبهما وإنما ذكر حكماً عاماً فمراده الجنس لا الشخص ثم هذان الرجلان نُظر في فعلهما إذا انطبقت عليه الأدلة بأنه يجب عليهما القضاء أو أن صومهما فسد عملنا به وإلا فلا وهذا الذي قاله الشيخ رحمه الله جواب سديد لأن الرسول لم يوجه الخطاب إليهما ويقول أفطرتما إنما قال (أفطر الحاجم والمحجوم) ثم ينظر في انطباق هذا الحكم على هذين الرجلين إذا كانا جاهلين فعندنا أدلة تدل على أن الجهل يعذر به فالصواب أن الجهل يعذر به فلو فعل واحداً من هذه المفطرات جاهلاً فإنه معذور لدينا أدلة عامة وأدلة خاصة الأدلة العامة (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) وقوله (َلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) الخاصة عدي بن حاتم رضي الله عنه كان يريد أن يصوم وكان يقرأ الآية (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ) فجعل تحت وسادته عقالين وهو الخيط الذي تربط به يد الناقة أحدهما أسود والثاني أبيض وجعل يأكل ويشرب وينظر إلى العقالين فلما تبين له أحدهما من الأخر أمسك فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له (إن وسادك لعريض أن وسع الخيط الأبيض والأسود) لأن الخيط الأبيض والأسود هما النهار والليل وهذه الوسادة تحتها الليل والنهار قاله النبي عليه الصلاة والسلام من باب المداعبة فالرسول يعلم أنه لم يضع الليل