الشيخ: هذا دليل خاص في أن من فعل مفطراً ناسياً فلا شيء عليه ولدينا دليل عام وهو قوله تبارك وتعالى (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) فقال الله تعالى قد فعلت وقال صلى الله عليه وسلم (إنما أطعمه الله وسقاه) يؤخذ منه فائدة عظيمة وهي أن الناسي لا يضاف فعله إليه ولو فعله إنما ذلك من عند الله عز وجل ويقول المؤلف رحمه الله وقسنا عليه سائر ما ذكرناه بقي عليه واحد لم يذكره وهوالجماع وسيأتينا إن شاء الله قول المؤلف فيه ولكن القول الصحيح أن الجماع كغيره وأن الإنسان لو جامع زوجته ناسياً فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة عليه لعموم الأدلة وإنما خص النبي صلى الله عليه وسلم الأكل والشرب لأنه أكثر فنصف الناس ليس عندهم زوجات ومن عندهم زوجات فأكثر مايكون لديهم هو الأكل والشرب فتخصيصه بذلك لأنه الغالب وإلا فلو أن الإنسان نسي وجامع زوجته فإنه لا شيء عليه وقال بعضهم بل عليه الكفارة والقضاء لأن النسيان في الجماع نادر ولأنه لو نسي لم تنس زوجته فيقال قد يكون صائماً تطوعاً وزوجته مفطرة فلا تظن أنه صائم ولكن هذا لا يفيد لأن صوم التطوع ليس فيه كفارة ولكن على كلام الفقهاء يبطل صومه والصحيح أن القاعدة مطردة كل محظور فعله الإنسان ناسياً فإنه لا يضره لا بإفساد العبادة ولا بالكفارة المرتبة على ذلك الفعل.
القارئ: وإن فعله مكرها لم يفطر لقوله صلى الله عليه وسلم (من ذرعه القيء فليس عليه قضاء) فنقيس عليه ماعداه.
الشيخ: هذا دليل خاص لكنه دليل بقياس وإذا أردنا أن نجعل المسألة من باب القياس فالأولى أن نأتي بالآية (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) فإنه إذا كان يعذر بالإكراه على الكفر فما دونه من باب أولى.