أهل فَارس على هَؤُلَاءِ الْعلمَاء اسْم " مجتهدين " تجوزا واتباعا لعادة الأعجام فِي التغالي فِي التبجيل ونعوت الاحترام، وَمن ذَلِك يعلم أَن مَا يَظُنّهُ فيهم إخْوَانهمْ الْمُسلمُونَ البعيدون عَنْهُم غير الواقفين على أَحْوَالهم إِلَّا من تفوهات السياسيين غير صَحِيح، فَمَا هم كَمَا يَقُولُونَ عَنْهُم مجتهدون فِي أصُول الدّين، مجوزون الرَّأْي فِي الاجماعيات، مخرجون الْأَحْكَام أخذا من الدَّلَائِل الظنية وَلَو لم يقل بهَا أحد من عُلَمَاء الصَّحَابَة أَو التَّابِعين وأعاظم أَئِمَّة الْهِدَايَة الْأَوَّلين. فَمَا أَحْرَى أَن يُسمى مجتهدو فَارس بمرجحين أَو مخرجين أَو فُقَهَاء مدققين.
ثمَّ أَن بَعضهم وصفوا الْمُقَلّد لأحد الْمذَاهب، إِذا أَخذ فِي بعض الْأَحْكَام بِمذهب آخر، مُلَفقًا وَأَخذه تلفيقاً، واستعملوا لَفظه تلفيق فِي مقَام التلاعب فِي الدّين أَو الترقيع الْقَبِيح. وَالْحَال، لَيْسَ مَا سموهُ بالتلفيق إِلَّا عين التَّقْلِيد من كل الْوُجُوه، وَلَا بُد لكل من أجَاز التَّقْلِيد أَن يُجِيزهُ، لِأَنَّهُ إِذا تَأمل فِي الْقَضِيَّة يجد الْقيَاس هَكَذَا: يجب على كل مُسلم عَاجز عَن الاستهداء فِي مَسْأَلَة دينية بِنَفسِهِ أَن يسْأَل عَنْهَا من أهل الذّكر، أَي يُقَلّد فِيهَا مُجْتَهد، وكل مقلد عَاجز طبعا عَن التَّرْجِيح بَين مَرَاتِب الْمُجْتَهدين، فبناءً عَلَيْهِ يجوز لَهُ أَن يُقَلّد فِي كل مَسْأَلَة دينية مُجْتَهدا مَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute