أما مذهب الحنفية فهو من أضعف الأقوال لأنه اعتمد على نص لا يقصد منه أبداً تحديد من يعتبر مسافراً ومن لا يعتبر مسافراً في الشرع.
ثم إنه فيه مشقة إذ لا يعتبر الإنسان مسافراً إلا إذا قطع مسيرة ثلاثة أيام وهذه مسافة طويلة يشق على الناس تحقيقها إذا اشترطنا عليهم أنهم لا يكونوا مسافرين إلا بقطع مسافة مائة وثلاث وثلاثين كيلو فهذا فيه مشقو وبعد وليس له أصل واضح والحديث الذي ذكروه روي يومين وروي يوم وروي أقل: بريد.
- إذاً عرفنا الآن أن من سافر تسعين كيلو فبإجماع الأمة ما عدا الأحناف فإنه يعتبر مسافراً فكل فقهاء المسلمين من الصحابة ومن تبعهم والفقهاء السبعة ومن بعدهم عندهم من قطع تسعين كيلو يعتبر مسافراً وحتى شيخ الاسلام وإن كان يضبطه بالعرف فلا شك أنه عنده يعتبر مسافراً بل من قطع بريداً عنده يعتبر مسافراً.
وأما اختياره هو نفسه رحمه الله في مسألة العرف فهذا بالتجربة والعمل لا يمكن ضبطه فتختلف أعراف الناس وتختلف عادات الناس ويسميه البعض مسافر والبعض لا يسميه مسافراً مما يدخل معه الفقيه بإشكال له أول وليس له آخر وقد أشار شيخنا رحمه الله - ابن عثيمين - وإن كان يرجح القول بالعرف أن هذا القول لا ينضبط وأنه مشكل جداً وذكره في أكثر من مناسبة وذكر أن قول الجمهور منضبط وإن كان لا يفتي به لكنه رحمه الله أقر بهذا أن مذهب شيخ الإسلام لا ينضبط وأن مذهب الجمهور سهل التطبيق ومنضبط عند الفتوى.
•
ثم قال رحمه الله:
من سافر سفراً مباحاً أربعة برد: سن له قصر الرباعية ركعتين.
القصر مشروع بالكتاب والسنة والإجماع في الجملة.
لكن اختلفوا في حكمه:
= فذهب الجماهير الأئمة الثلاثة مالك وأحمد والشافعي إلى أن القصر سنة وليس بواجب.
واستدلوا على هذا بأدلة:
- منها قوله تعالى:{وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} ورفح الجناح يدل على أن العمل ليس بواجب.