كتاب العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

{كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [البقرة: الآية ٢٦٤] أي: كالذين ينفقون أموالَهم رئاءَ الناسِ بدليلِ قولِه في آخِرِ الآيةِ: {لَاّ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا} [البقرة: الآية ٢٦٤] فَدَلَّ قولُه: {لَاّ يَقْدِرُونَ} أن (الذي) بمعنَى (الذين) ونحو هذا من الآياتِ. وورودُ هذا في كلامِ العربِ معروفٌ، وأنشدَ له سيبويه قولَ الأشهبِ بنِ رميلةَ (١):

وَإِنَّ الَّذِي حَانَتْ بِفَلْجٍ دِمَاؤُهُمْ ... هُمُ الْقَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِد

فقولُه: (الذي حَانَتْ) يعنِي: الذين حَانَتْ دماؤُهم. ومنه قولُ عديلِ بنِ الفرخِ العجليِّ (٢):

وَبِتُّ أُسَاقِي الْمَوْتَ إِخْوَتِي الَّذِي ... غَوَايَتُهُمْ غَيِّي وَرُشْدُهُمْ رُشْدِي

وقولُ الراجزِ (٣):

يَا رَبِّ عَبْسٍ لَا تُبَارِكْ فِي أَحَدْ ... فِي قَائِمٍ مِنْهُمْ وَلَا فِي مَنْ قَعَدْ

إِلَاّ الَّذِي قَامُوا بِأَطْرَافِ الْمَسَدْ

يعنِي: إلَاّ الذين قاموا.

(١) البيت في الكتاب لسيبويه (١/ ١٨٧)، المحتسب (١/ ١٨٥)، رصف المباني ص٣٤١، دفع إيهام الاضطراب ص١١، أضواء البيان (٧/ ٥٥، ٣٨٨).
(٢) البيت في سر صناعة الإعراب (٢/ ٥٣٧)، المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (١/ ٢٥٩)، دفع إيهام الاضطراب ص١٢، أضواء البيان (٧/ ٥٥، ٣٨٨).
(٣) رصف المباني ص٢٧٠، اللسان (مادة: ذا)، المعجم المفصل في شواهد النحو الشعرية (٣/ ١١٤٠)، مع شيء من المغايرة في اللفظ، وقد أثبته الشيخ (رحمه الله) كما هنا في الأضواء (٧/ ٥٥، ٣٨٨)، دفع الإيهام ص١١.