الدنيا، مُعْرِضِينَ عن اللَّهِ، مكذبينَ رسلَه صلواتُ اللَّهِ وسلامُه عليهم.
وقال بعضُ العلماءِ (١): الخلاقُ: الدِّينُ، قالوا: لأن كُلَّ فرقةٍ تَنْتَحِلُ دِينًا وهي تفرحُ بذلك الدينِ وتتمتعُ به وتزعمُ أنها على هُدًى، وهو الْهُدَى الذي كان عليه آباؤها في زَعْمِهَا، كما ذَكَرْنَا مِرَارًا، وكما في قولِه:{وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَاّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ} أي: دينٍ وملةٍ {وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ (٢٣)} [الزخرف: الآية ٢٣] وقال (جل وعلا) في أُخْرَيَاتِ سورةِ المؤمنِ: {فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُم مِّنَ الْعِلْمِ} وزعموا أنهم على دِينٍ {وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (٨٣)} [غافر: الآية ٨٣].
فالحاصلُ أن الأظهرَ المعروفَ في اللغةِ أن معنَى:{فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ} تَمَتَّعُوا بنصيبِهم وحظِّهم الدنيويِّ الذي أعطاهم اللَّهُ إياه استدراجًا. وقال بعضٌ مِنَ الصحابةِ فَمَنْ بعدَهم:{بِخَلاقِهِمْ} أي: دينِهم كما بَيَّنَّا.
{فَاسْتَمْتَعتمُ} أيها الكفارُ والمنافقونَ (بخلاقِكم) أي: بنصيبِكم الدنيويِّ مُؤْثِرِينَ الدنيا على الآخرةِ، أو فَرِحِينَ بما عِنْدَكُمْ مِنَ الدينِ زَاعِمِينَ أن ما كان عليه آباؤُكم حَقٌّ، كما قالوا:{حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا}[المائدة: الآية ١٠٤].