قال الفاسي رحمه الله تعالى في (شفاء الغرام): وأما بناء الحجاج الكعبة فهو أيضاً ثابت مشهور، ذكره الأزرقي وغيره وملخص ذلك أنّ الحجاج بعد محاصرة ابن الزبير وقتله رضي الله عنهما كتب إلى عبد الملك بن مروان يخبره أن ابن الزبير زاد في الكعبة ما ليس منها وأحدث فيها باباً آخر واستأذنه في رد ذلك فكتب إليه عبد الملك أنْ يسد بابها الغربي ويهدم ما زاد فيها ابن الزبير من الحجر، ويردها على ما كانت عليه، ففعل الحجاج ذلك، وبناؤه في الكعبة في الجدار الذي من جهة الحجر والباب الغربي المسدود في ظهر الكعبة عند الركن اليماني، وما تحت عتبة الباب الشرقي وهو أربعة أذرع وشبر على ما ذكره الأزرقي، وترك بقية الكعبة على بناء ابن الزبير، وهذا ملخص ما ذكره الأزرقي في ذلك بالمعنى. اهـ. أقول كما جاء في تاريخ الكعبة المعظمة للشيخ عبد الله بإسلامه رحمه الله مع اختصار وزيادة: أنه لما كان يوم الأربعاء (١٩/ ٨/ ١٠٣٩ هـ) حصل بمكة المشرفة مطر عظيم، دخل سيله المسجد الحرام، ودخل الكعبة المشرفة من بابها ووصل إلى نصف جدارها، ودخل دور أهل مكة وأخرج منها الأمتعة، وذهب بها إلى أسفل مكة ومات بسببه داخل المسجد وخارجه خَلْق كثير، وبات السيل ليلة الخميس ٢٠/ ٨/ ١٠٣٩ بداخل الكعبة والمسجد الحرام فسقط بسببه الجدار الشامي وبعض الجدارين الشرقي والغربي من الكعبة، وسقطت درجة السطح، وكان أمير مكة آنذاك الشريف مسعود بن إدريس، أمر بفتح سراديب باب إبراهيم التي هي مجاري مياه المسجد الحرام وقتذاك وخرج الماء إلى أسفل مكة، ثم أمر الشريف المذكور بسدّ الجوانب الساقطة بأخشاب من صبيحة سقوطها (٢٠/ ٨/ ١٠٣٩) لعشرين من شعبان سنة تسع وثلاثين وألف فسدّت بأعواد قوية، وأحاط الكعبة بسترة خشبية، وجعل للسترة باباً لطيفاً من الجهة الشرقية وألبسها ثوباً أخضر ثم بعد ذلك دخلها وصلّى فيها وبقيت الكعبة على هذه الحالة إلى أوائل جمادى من السنة بعده ثم صدر أمر السلطان مراد خان بن السلطان أحمد خان بعمارة الكعبة، فعادت عام ١٠٤٠ أربعين وألف هجرية إلى حالتها التي عليها اليوم في زماننا عام ١٤٠١ هـ واحد وأربعمائة وألف هجرية، فبالنظر إلى السَّدّ والسترة الخشبية التي جعلهما شريف مكة آنذاك مسعود بن إدريس تكون أبنية الكعبة اثنتي عشرة مرة. وقد نظم ذلك العلامة أحمد بن علان المكي الذي حضر سقوط جدار الكعبة وعمارة السلطان مراد خان لها فقال رحمه الله تعالى: =