للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يورّط بعضهم بعضا عند عدوّك؛ فأحكم أمرهم فإنّهم رأس مكيدتك، وقوام تدبيرك، وعليهم مدار حربك، وهو أوّل ظفرك، فاعمل على حسب ذلك وحيث رجاؤك به، تنل أملك من عدوّك وقوّتك على قتاله، واحتيالك لإصابة غرّاته وانتهاز فرصه، إن شاء الله.

فإذا أحكمت ذلك وتقدّمت في إتقانه، واستظهرت بالله وعونه، فولّ شرطتك وأمر عسكرك أوثق قوّادك عندك، وأظهرهم نصيحة لك، وأنفذهم بصيرة في طاعتك، وأقواهم شكيمة في أمرك، وأمضاهم صريمة «١» ، وأصدقهم عفافا، وأجزأهم غناء «٢» ، وأكفاهم أمانة، وأصحّهم ضميرا، وأرضاهم في العامّة دينا، وأحمدهم عند الجماعة خلقا، وأعطفهم على كافّتهم رأفة، وأحسنهم لهم نظرا، وأشدّهم في دين الله وحقّه صلابة؛ ثم فوّض إليه مقوّيا له، وابسط من أمله مظهرا عنه الرضا، حامدا منه الابتلاء، وليكن عالما بمراكز الجنود، بصيرا بتقدّم المنازل، مجرّبا، ذا رأي وتجربة وحزم في المكيدة، له نباهة في الذّكر، وصيت في الولاية، معروف البيت، مشهور الحسب، وتقدّم إليه في ضبط معسكره، وإذكاء أحراسه في آناء ليله ونهاره؛ ثم حذّره أن يكون منه إذن لجنوده في الانتشار والاضطراب، والتقدّم لطلائعك، فتصاب لهم غرّة يجتريء بها عدوّك عليك، ويسرع إقداما إليك، ويكسر من إياد «٣» جندك ويوهن من قوتهم: فإنّ الصوت في إصابة عدوّك الرجل «٤» الواحد من جندك أو عبيدهم مطمع لهم فيك، مقوّ لهم على شحذ أتباعهم عليك وتصغيرهم أمرك، وتوهينهم تدبيرك، فحذّره ذلك وتقدّم إليه فيه، ولا يكوننّ منه إفراط في التضييق عليهم، والحصر لهم، فيعمّهم أزله «٥» ،

<<  <  ج: ص:  >  >>