فَيَأْتِي بِهَا إلَى آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الْإِحْرَامِ.
قَالَ (فَإِذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ أَفَاضَ الْإِمَامُ وَالنَّاسُ مَعَهُ عَلَى هَيِّنَتِهِمْ حَتَّى يَأْتُوا الْمُزْدَلِفَةَ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ دَفَعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ مُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَ النَّبِيُّ ﵊ يَمْشِي عَلَى رَاحِلَتِهِ فِي الطَّرِيقِ عَلَى هَيِّنَتِهِ، فَإِنْ خَافَ الزِّحَامَ فَدَفَعَ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَمْ يُجَاوِزْ حُدُودَ عَرَفَةَ أَجْزَأَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفِضْ مِنْ عَرَفَةَ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ فِي مَقَامِهِ كَيْ لَا يَكُونَ آخِذًا فِي الْأَدَاءِ قَبْلَ وَقْتِهَا
فِي الصَّلَاةِ، إلَّا أَنَّ الْقِيَاسَ تُرِكَ فِيمَا بَعْدَ الرَّمْيِ بِالْإِجْمَاعِ فَيَبْقَى فِيمَا وَرَاءَهُ عَلَى أَصْلِ الْقِيَاسِ.
وَقَوْلُهُ (وَالنَّاسُ مَعَهُ عَلَى هِينَتِهِمْ) إنَّمَا هُوَ اتِّبَاعٌ لِلسُّنَّةِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أَيُّهَا النَّاسُ لَيْسَ الْبِرُّ فِي إيجَافِ الْخَيْلِ وَفِي إيضَاعِ الْإِبِلِ، عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ» (وَالنَّبِيُّ ﵊ دَفَعَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) وَمَشَى عَلَى هِينَتِهِ فِي الطَّرِيقِ (وَلِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ مُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ) فَإِنَّهُ رُوِيَ «أَنَّهُ ﷺ خَطَبَ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْأَوْثَانِ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ عَرَفَةَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إذَا تَعَمَّمَتْ بِهَا رُءُوسُ الْجِبَالِ كَعَمَائِمِ الرِّجَالِ فِي وُجُوهِهِمْ، وَإِنَّ هَدْيَنَا لَيْسَ كَهَدْيِهِمْ، فَادْفَعُوا بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ» فَقَدْ بَاشَرَ ذَلِكَ ﵊ وَأَمَرَ بِهِ إظْهَارًا لِمُخَالَفَةِ الْمُشْرِكِينَ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُخَالِفَ ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ (وَلَمْ يُجَاوِزْ حُدُودَ عَرَفَةَ أَجْزَأَهُ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute