(قَالَ: وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَإِنْ قَبِلَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ)؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فَجَعَلَ الْبَيْعَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
يُنْتَفَعُ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ لَمْ يَرُدَّهُ لِتَعَيُّبِهِ بِالْكَسْرِ الْحَادِثِ لَكِنَّهُ يَرْجِعُ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: يَرُدُّهُ لِأَنَّ الْكَسْرَ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا حَادِثًا لَكِنَّهُ بِتَسْلِيطِهِ. قُلْنَا: التَّسْلِيطُ عَلَى الْكَسْرِ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَا فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لِأَنَّ بِالْبَيْعِ لَمْ يَبْقَ مِلْكُهُ فَلَمْ يَكُنْ التَّسْلِيطُ إلَّا فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ هَدَرٌ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ فَصَارَ كَمَا إذَا بَاعَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ ثُمَّ وَجَدَهُ مَعِيبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالنُّقْصَانِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنْ حَصَلَ التَّسْلِيطُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ هَدَرًا، وَلَوْ وَجَدَ الْبَعْضَ فَاسِدًا فَالْفَاسِدُ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَلِيلًا كَاثْنَيْنِ فِي الْمِائَةِ أَوْ كَثِيرًا كَمَا فَوْقَهُ. فَفِي الْأَوَّلِ جَازَ الْبَيْعُ اسْتِحْسَانًا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ الْبَائِعَ لِأَجْلِهِ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْإِقْدَامِ عَلَى الْعَقْدِ الظَّاهِرِ مِنْ حَالِهِ الرِّضَا بِالْمُعْتَادِ وَالْجَوْزُ فِي الْعَادَةِ لَا يَخْلُو عَنْ هَذَا. وَفِي الثَّانِي لَا يَجُوزُ وَيَرْجِعُ بِكُلِّ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ بَيْنَ الْمَالِ وَغَيْرِهِ، وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْقِنِّ.
قَالَ (وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي) وَمَنْ بَاعَ عَبْدًا فَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي (ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ فَ) إمَّا (أَنْ قَبِلَ بِقَضَاءِ الْقَاضِي) أَوْ بِغَيْرِ قَضَائِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بِإِقْرَارٍ، وَمَعْنَى الْقَضَاءِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَنَّ الْخَصْمَ ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي الْإِقْرَارَ بِالْعَيْبِ وَالْمُشْتَرِي أَنْكَرَ ذَلِكَ فَأَثْبَتَ الْخَصْمُ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا احْتِيجَ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْكِرْ إقْرَارَهُ لَا يَكُونُ الرَّدُّ مُحْتَاجًا إلَى الْقَضَاءِ بَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بِالْعَيْبِ، وَحِينَئِذٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ لِأَنَّهُ إقَالَةٌ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ (بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِبَاءِ يَمِينٍ) وَفِي كُلِّ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ (لِأَنَّهُ فَسْخٌ مِنْ الْأَصْلِ فَجُعِلَ الْبَيْعُ الثَّانِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute