للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَقَرَّرُ بِانْتِهَائِهِ فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ وَالرَّدَّ مُتَعَذِّرٌ. وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ النَّقْلُ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ بِالْأَمْرِ الْحُكْمِيِّ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)؛ لِأَنَّهُ حَبَسَ بَدَلَهُ وَحَبْسُ الْبَدَلِ كَحَبْسِ الْمُبْدَلِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ : أَنَّهُ يَرْجِعُ؛ لِأَنَّهُ إنْهَاءٌ لِلْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ. .

(فَإِنْ قَتَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ أَوْ كَانَ طَعَامًا فَأَكَلَهُ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ

فَيُجْعَلُ كَأَنَّ الْمِلْكَ بَاقٍ وَالرَّدُّ فَصَارَ حَابِسًا، أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَاءَ يَثْبُتُ بِالْعِتْقِ وَالْوَلَاءُ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ الْمِلْكِ فَبَقَاؤُهُ كَبَقَاءِ أَصْلِ الْمِلْكِ (وَالتَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ بِمَنْزِلَةِ الْإِعْتَاقِ) لِأَنَّ النَّقْلَ إلَى مِلْكِ الْبَائِعِ تَعَذَّرَ بِالرَّدِّ بِالْأَمْرِ الْحُكْمِيِّ مَعَ بَقَاءِ الْمَحَلِّ وَالْمِلْكِ. فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَكُونَانِ كَالْإِعْتَاقِ وَهُوَ مِنْهُ دُونَهُمَا فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِنْهَاءَ يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِتَقْرِيرِ الْمِلْكِ بِجَعْلِ مَا لَمْ يَكُنْ كَائِنًا، وَهَاهُنَا مُتَقَرِّرٌ فَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ عَلَى مَالٍ) أَوْ كَاتَبَهُ

(لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ) لِأَنَّهُ حَبَسَ بَدَلَهُ، وَحَبْسُ الْبَدَلِ كَحَبْسِ الْمُبْدَلِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ إنْهَاءُ الْمِلْكِ وَإِنْ كَانَ بِعِوَضٍ لِأَنَّ الْمَالَ فِيهِ لَيْسَ بِأَمْرٍ أَصْلِيٍّ بَلْ مِنْ الْعَوَارِضِ وَلِهَذَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِهِ، وَإِنْ قَتَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ الْمَبِيعَ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ لَمْ يَرْجِعْ بِنُقْصَانِ الْعَيْبِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَرْجِعُ، وَذَكَرَ فِي الْيَنَابِيعِ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَهُ لِأَنَّ قَتْلَ الْمَوْلَى عَبْدَهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ دُنْيَوِيٌّ يُفِيدُ بَدَلًا كَالْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ فَصَارَ كَالْمَوْتِ بِمَرَضٍ عَلَى فِرَاشِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ.

وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْقَتْلَ لَا يُوجَدُ إلَّا مَضْمُونًا لِقَوْلِهِ «لَيْسَ فِي الْإِسْلَامِ دَمٌ مُفَرَّجٌ» أَيْ مُبْطَلٌ، وَسُقُوطُ الْقِصَاصِ وَالدِّيَةِ عَنْ الْمَوْلَى فِي قَتْلِ عَبْدِهِ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَالْمُسْتَفِيدِ بِالْمِلْكِ عِوَضًا، بِخِلَافِ الْإِعْتَاقِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِمُوجِبٍ لِلضَّمَانِ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ مُطْلَقًا لِعَدَمِ نُفُوذِهِ، وَمِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَقَدْ تَخَلَّفَ عَنْ الضَّمَانِ فَلَمْ يَصِرْ بِهِ مُسْتَقْضِيًا فَيَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا فَأَكَلَهُ أَوْ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ حَتَّى تَخَرَّقَ لَا يَرْجِعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ اسْتِحْسَانًا، وَعِنْدَهُمَا يَرْجِعُ لِأَنَّهُ فَعَلَ بِالْمَبِيعِ مَا يُقْصَدُ بِشِرَائِهِ وَيُعْتَادُ فِعْلُهُ فِيهِ فَأَشْبَهَ الْإِعْتَاقَ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الرَّدَّ تَعَذَّرَ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ كَمَا إذَا بَاعَ أَوْ قَتَلَ، وَذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>