مِثْلُ وَزْنِهِ خَلًّا، وَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى هَذَا الْعَبْدِ فَإِذَا هُوَ حُرٌّ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: تَجِبُ الْقِيمَةُ) لِأَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ أَطْمَعَهَا مَالًا وَعَجَزَ عَنْ تَسْلِيمِهِ فَتَجِبُ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ كَمَا إذَا هَلَكَ الْعَبْدُ الْمُسَمَّى قَبْلَ التَّسْلِيمِ. وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: اجْتَمَعَتْ الْإِشَارَةُ وَالتَّسْمِيَةُ فَتُعْتَبَرُ الْإِشَارَةُ لِكَوْنِهَا أَبْلَغَ فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْرِيفُ، فَكَأَنَّهُ تَزَوَّجَ عَلَى خَمْرٍ أَوْ حُرٍّ.
بِالتَّسْمِيَةِ دُونَ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَمَعَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي ذَوَاتِ الْقِيَمِ فِي إيجَابِ مَهْرِ الْمِثْلِ دُونَ الْقِيمَةِ. ثُمَّ الْأَصْلُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الْإِشَارَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا، وَالتَّسْمِيَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الْفُصُولِ كُلِّهَا وَالْإِشَارَةُ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ، وَالتَّسْمِيَةُ فِي الْجِنْسَيْنِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ، وَالْمُصَنِّفُ قَدَّمَ دَلِيلَ أَبِي يُوسُفَ وَهُوَ ظَاهِرٌ، ثُمَّ ذَكَرَ دَلِيلَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ فِيهِ (لِكَوْنِهَا) يَعْنِي الْإِشَارَةَ (أَبْلَغَ فِي الْمَقْصُودِ وَهُوَ التَّعْرِيفُ) لِأَنَّ الْإِشَارَةَ بِمَنْزِلَةِ وَضْعِ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ، وَيَحْصُلُ بِهَا كَمَالُ التَّمْيِيزِ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ إلَى الشَّيْءِ وَارِدَةٌ غَيْرُ مُمْتَنِعَةٍ، وَأَمَّا التَّسْمِيَةُ فَمِنْ بَابِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ، وَيَجُوزُ إطْلَاقُ اللَّفْظِ وَإِرَادَةُ غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ وَأَخَّرَ دَلِيلَ مُحَمَّدٍ وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إلَى اخْتِيَارِ مَذْهَبِهِ، وَدَلِيلُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى تَقْدِيمِ مُقَدِّمَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَاهِيَّةِ هُوَ الْحَقِيقَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ وَبِالذَّاتِ مَوْجُودٌ فِي الْخَارِجِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُشَارًا إلَيْهِ إشَارَةً حِسِّيَّةً.
وَالثَّانِيَةُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ مَا يَكُونُ الْفَاصِلُ بَيْنَ آحَادِهِ أَمْرًا وَاحِدًا فَيَكُونُ التَّفَاوُتُ يَسِيرًا كَالْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالْمَيْتَةِ وَالْمُذَكَّاةِ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي غَيْرِ الْإِنْسَانِ، وَبِالْجِنْسَيْنِ مَا يَكُونُ الْفَاصِلُ بَيْنَهُمَا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَيَفْحُشُ التَّفَاوُتُ كَالْخَلِّ وَالْخَمْرِ فَإِنَّ الْفَاصِلَ بَيْنَهُمَا الِاسْمُ وَالصِّفَةُ كَالْحُمُوضَةِ فِي الْخَلِّ وَالْحِدَّةِ فِي الْخَمْرِ وَالْمَعْنَى كَالْإِسْكَارِ وَعَدَمِهِ، وَالْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ فَإِنَّ الْفَاصِلَ بَيْنَهُمَا الِاسْمُ وَالصِّفَةُ، فَإِذَا ظَهَرَ هَذَا فَإِذَا اجْتَمَعَتْ التَّسْمِيَةُ وَالْإِشَارَةُ فِي الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ الْمُسَمَّى وَالْمُشَارُ إلَيْهِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَانَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُشَارَ إلَيْهِ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ هُنَاكَ لَا تَدُلُّ عَلَى مَاهِيَّةٍ أُخْرَى وَإِنَّمَا تَدُلُّ عَلَى صِفَةٍ وَالصِّفَةُ تَتْبَعُ الْمَوْصُوفَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالْمَوْصُوفُ مَوْجُودٌ فِي الْمُشَارِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ لَوْلَا الصِّفَةُ وَلَمْ تُعْتَبَرْ الصِّفَةُ لِتَبَعِيَّتِهَا وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ، فَالْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُسَمَّى لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ حِينَئِذٍ تَدُلُّ عَلَى مَاهِيَّةِ خِلَافِ الْمُشَارِ إلَيْهِ فَيَكُونُ الْمُسَمَّى مِثْلَ الْمُشَارِ إلَيْهِ فِي اسْتِحْقَاقِ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا وَلَا يَكُونَ تَابِعًا لَهُ لِأَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِعَدَمِ شَيْءٍ لَا يَتْبَعُهُ فَيَتَعَارَضَانِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ، وَالتَّسْمِيَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْرِيفِ إذَا كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَعْرِفُ الْمَاهِيَّةَ، وَالْإِشَارَةُ إنَّمَا تُعْرَفُ ذَاتًا مُشَارًا إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ دَلَالَةٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ. هَذَا الَّذِي سَنَحَ لِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute