للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهَذَا؛ لِأَنَّ تَقَوُّمَهُ بِالْعَقْدِ لِلضَّرُورَةِ، فَإِذَا لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ بِالْعَقْدِ لَمْ يَظْهَرْ تَقَوُّمُهُ فَيَبْقَى الْحُكْمُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ.

(فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبَضَتْهَا وَوَهَبَتْهَا لَهُ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا رَجَعَ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةٍ)؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ

إلَّا بِمَا يَنْفِيهِ مِنْ وُجُودِ الْمُقْتَضِي وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ، وَهُوَ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ لِلْخَصْمِ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَالًا لَاسْتُحِقَّتْ فِيهِ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ وُجِدَ الْمُقْتَضِي وَانْتَفَى الْمَانِعُ وَهُوَ كَوْنُ الْمَهْرِ غَيْرَ مَالٍ يَقُولُ الْمَانِعُ غَيْرُ مُنْحَصِرٍ فِي ذَلِكَ بَلْ كَوْنُهُ مُفْضِيًا إلَى الْمُنَاقَضَةِ مَانِعٌ آخَرُ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ لَكِنْ سَمَاعِي بِكَلِمَةِ إذْ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ لِأَنَّهُ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ الدَّلِيلِ فِي مَطْلَعِ الْبَحْثِ. وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ أَعَادَهُ تَمْهِيدًا لِبَيَانِ التَّعْلِيلِ بِقَوْلِهِ (وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ (لِأَنَّ تَقَوُّمَهُ بِالْعَقْدِ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِأَنَّ تَقَوُّمَ الْمُسَمَّى وَهُوَ الْخِدْمَةُ لِضَرُورَةِ حَاجَةِ النَّاسِ فِي الْعُقُودِ وَهِيَ إنَّمَا تَنْدَفِعُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى الْمُحْتَاجِ (فَإِذَا لَمْ يَجِبْ تَسْلِيمُهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ) لِمَكَانِ التَّنَاقُضِ (لَمْ يَظْهَرْ تَقَوُّمُهُ فَيَبْقَى الْحُكْمُ لِلْأَصْلِ وَهُوَ مَهْرُ الْمِثْلِ) وَلَوْ قَالَ فَإِذَا لَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُهُ كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ.

قَالَ (فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى أَلْفٍ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَنْقَسِمُ بِالْقِسْمَةِ الْأَوَّلِيَّةِ عَلَى قِسْمَيْنِ: إمَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعَيُّنِ كَالنُّقُودِ أَوْ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ بِهِ كَالْعُرُوضِ وَالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، ثُمَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ يَكُونَ الصَّدَاقُ مَقْبُوضًا لَهَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى وَجْهَيْنِ: إمَّا أَنْ تَهَبَ الْمَرْأَةُ الْكُلَّ أَوْ الْبَعْضَ، فَإِنْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مَا لَا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَبَضَتْهَا ثُمَّ وَهَبَتْهَا لِلزَّوْجِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَنَّ الزَّوْجَ يَسْتَوْجِبُ عَلَيْهَا الرُّجُوعَ بِنِصْفِ مَا قَبَضَتْ مَهْرًا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنَّهُ يُنَصِّفُ الصَّدَاقَ بِالنَّصِّ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ عَيْنُ مَا يَسْتَوْجِبُهُ بِالْهِبَةِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا تَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فِي الْعُقُودِ وَالْفُسُوخِ فَكَانَتْ هِبَةً، هَذِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>