فَلَا تَجِبُ مَعَ وُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ، وَهُوَ غَيْرُ جَانٍ فِي الْإِيحَاشِ فَلَا تَلْحَقُهُ الْغَرَامَةُ بِهِ فَكَانَ مِنْ بَابِ الْفَضْلِ.
(وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ بِنْتَه عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ بِنْتَهُ أَوْ أُخْتَهُ لِيَكُونَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ عِوَضًا عَنْ الْآخَرِ فَالْعَقْدَانِ جَائِزَانِ، وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: بَطَلَ الْعَقْدَانِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَ الْبُضْعِ صَدَاقًا وَالنِّصْفَ مَنْكُوحَةً، وَلَا اشْتِرَاكَ فِي هَذَا الْبَابِ فَبَطَلَ الْإِيجَابُ. وَلَنَا أَنَّهُ سَمَّى مَا لَا يَصْلُحُ صَدَاقًا فَيَصِحُّ الْعَقْدُ وَيَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ، كَمَا إذَا سَمَّى الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ وَلَا شَرِكَةَ بِدُونِ الِاسْتِحْقَاقِ
يَقَعُ أَمْثَالًا لِمَا هُوَ الْمَهْرُ عِنْدَ اللَّهِ وَبَيَانٌ لَهُ كَمَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَيُعَضِّدُ هَذَا قَوْلُهُ فِي آخِرِ كَلَامِهِ (فَلَا تَجِبُ مَعَ وُجُوبِ شَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ) لِتَنَاوُلِ مَهْرِ الْمِثْلِ وَكُلِّ الْمُسَمَّى وَبَعْضِهِ، هَذَا الَّذِي سَنَحَ لِي فِي حَلِّ هَذَا الْمَوْضِعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ (وَهُوَ غَيْرُ جَانٍ) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ أَوْحَشَهَا بِالْفِرَاقِ. وَتَقْرِيرُهُ: سَلَّمْنَا أَنَّهُ أَوْحَشَهَا بِالْفِرَاقِ لَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِيحَاشِ جَانِيًا لِأَنَّهُ فَعَلَ مَا فَعَلَ بِإِذْنِ الشَّرْعِ (فَلَا تَلْحَقُهُ الْغَرَامَةُ) بِوُجُوبِ الْمُتْعَةِ (فَكَانَ) الْمُتْعَةُ بِتَأْوِيلِ الْمَتَاعِ (مِنْ بَابِ الْفَضْلِ) أَيْ الِاسْتِحْبَابِ.
قَالَ (وَإِذَا زَوَّجَ الرَّجُلُ ابْنَتَهُ) وَإِذَا زَوَّجَ رَجُلَانِ كُلٌّ مِنْهُمَا بِنْتَهُ أَوْ أُخْتَهُ لِلْآخَرِ بِشَرْطِ أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ بِنْتَهُ أَوْ أُخْتَهُ صَحَّ النِّكَاحُ عِنْدَنَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا مَهْرُ الْمِثْلِ، وَيُسَمَّى هَذَا النِّكَاحُ نِكَاحَ الشِّغَارِ مِنْ الشُّغُورِ وَهُوَ الرَّفْعُ وَالْإِخْلَاءُ، وَسُمِّيَ بِهِ لِأَنَّهُمَا بِهَذَا الشَّرْطِ كَأَنَّهُمَا رَفَعَا الْمَهْرَ وَأَخْلَيَا الْبُضْعَ عَنْهُ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: النِّكَاحَانِ بَاطِلَانِ لِأَنَّهُ جَعَلَ نِصْفَ الْبُضْعِ صَدَاقًا وَالنِّصْفَ مَنْكُوحَةً، لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ ابْنَتَهُ مَنْكُوحَةَ الْآخَرِ وَصَدَاقَ ابْنَتِهِ اقْتَضَى ذَلِكَ انْقِسَامَ مَنَافِعِ بُضْعِهَا عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، فَيَصِيرُ النِّصْفُ لِلزَّوْجِ بِحُكْمِ النِّكَاحِ وَالنِّصْفُ لِبِنْتِهِ بِحُكْمِ الْمَهْرِ فَيَلْزَمُ الِاشْتِرَاكُ، وَالِاشْتِرَاكُ فِي هَذَا الْبَابِ مُبْطِلٌ لِلْإِيجَابِ (وَلَنَا أَنَّهُ سَمَّى مَا لَا يَصِحُّ صَدَاقًا) وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ صَحَّ الْعَقْدُ فِيهِ وَوَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (كَمَا إذَا سَمَّى الْخَمْرَ وَالْخِنْزِيرَ) وَقَوْلُهُ (وَلَا شَرِكَةَ بِدُونِ الِاسْتِحْقَاقِ) جَوَابُ الْخَصْمِ. وَبَيَانُهُ أَنَّ الْبُضْعَ لَمَّا لَمْ يَصْلُحْ صَدَاقًا لَمْ يَتَحَقَّقْ الِاشْتِرَاكُ لِأَنَّ مَنَافِعَ بُضْعِ الْمَرْأَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute