للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

الأفراد، فمن نظر للوضع النوعي، جعل الإفادة بطريق المطابقة، ومن نظر إلى كون الاستفادة بطريق العقل، جعلها بطريق اللزوم، قاله الشربيني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ قال: والأول هو الحق، إذ العموم المستفاد من اللفظ قد يكون بقرينة العقل اهـ

والأول منسوب إلى المالكية والشافعية، والثاني منسوب لبعض الحنفية وتقي الدين السبكي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ.

قال البناني ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ: يؤيده قول النحاة إن لا، في نحو لا رجل في الدار، لنفي الجنس، فإن قضيته أن العموم بطريق اللزوم، دون الوضع اهـ

واختار التاج السبكي ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ التفصيل بين المبنية مع لا النافية للجنس، وغيرها، فالأولى لا تدل عليه عنده، إلا باللزوم، والثانية تدل عليه بالوضع.

وينبني على هذا الاختلاف: الاختلاف في تخصيصها بالنية.

فمن قال: إن دلالتها على العموم وضعية، قبلت عنده التخصيص بالنية.

ومن قال: إنها لزومية، لم تقبل عنده التخصيص بالنية، لعدم وجود الأفراد لفظا، بل هي لازم عقلي فقط، وليس ببين، فقد وقع في كلامهم الاستثناء من اسم لا النافية للجنس بكثرة، كما في كلمة الشهادة، والحوقلة، وكما في حديث " لا حسد إلا في اثنتين " (١) وحديث " لا سبق إلا في خف " (٢) ونحوه كثير، والله سبحانه وتعالى أعلم.

ونحو لا شربت أو إن شربا … واتفقوا إن مصدر قد جلبا

أشار بهذا إلى أن الفعل المتعدي إذا وقع في سياق النفي، نحو والله لا شربت، أو سياق الشرط، نحو إن شربت فهند طالق، يعم مفاعيله إذا لم يقيد بشيء، فإذا شرب شرابا ما، حنث في الموضعين، هذا مذهب الشافعية والمالكية، وأبي يوسف ـ رحمهم الله سيحانه وتعالى ـ وغيرهم.

وذهب الإمام أبو حنيفة ـ رحمه الله سبحانه وتعالى ـ إلى عدم عمومه، واختاره


(١) متفق عليه.
(٢) رواه أبو داوود والترمذي والنسائي والإمام أحمد، وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>