للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَامَ الزِّبْرِقَانُ بْنُ بَدْرٍ فَقَالَ: نَحْنُ الْكِرَامُ فَلَا حى يعادلنا * منا الْمُلُوك وَفينَا تنضب الْبِيَعُ (١) وَكَمْ قَسَرْنَا مِنَ الْأَحْيَاءِ كُلِّهِمْ * عِنْدَ النِّهَابِ وَفَضْلُ الْعِزِّ يُتَّبَعُ

وَنَحْنُ يُطْعِمُ عِنْدَ الْقَحْطِ مُطْعِمُنَا * مِنَ الشِّوَاءِ إِذَا لَمْ يُؤْنَسِ الْقَزَعُ (٢) بِمَا تَرَى النَّاسُ تَأْتِينَا سُرَاتُهُمْ * مِنْ كُلِّ أَرْضٍ هُوِيًّا ثُمَّ نَصْطَنِعُ (٣) فَنَنْحَرُ الْكُومَ عَبْطًا فِي أَرْوِمَتِنَا * لِلنَّازِلِينَ إِذَا مَا أُنْزِلُوا شَبِعُوا (٤) فَمَا تَرَانَا إِلَى حَيٍّ نُفَاخِرُهُمْ * إِلَّا استفادوا وَكَانُوا الرَّأْسَ يُقْتَطَعُ فَمَنْ يُفَاخِرُنَا فِي ذَاكَ نَعْرِفُهُ * فَيَرْجِعُ الْقَوْمُ وَالْأَخْبَارُ تُسْتَمَعُ إِنَّا أَبَيْنَا وَلَمْ يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ * إِنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الْفَخْرِ نَرْتَفِعُ (٥) قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ غَائِبًا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَامَ شَاعِرُ الْقَوْمِ فَقَالَ مَا قَالَ، عَرَضْتُ فِي قَوْلِهِ وَقُلْتُ عَلَى نَحْو مَا قَالَ.

فَلَمَّا فَرَغَ الزِّبْرِقَانُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لحسان ثَابِتٍ: " قُمْ يَا حَسَّانُ فَأَجِبِ الرَّجُلَ فِيمَا قَالَ ".

فَقَالَ حَسَّانُ: إِنَّ الذَّوَائِبَ مِنْ فِهْرٍ وَإِخْوَتِهِمْ * قَدْ بَيَّنُوا سُنَّةً لِلنَّاسِ تُتَّبَعُ يَرْضَى بِهَا كُلُّ مَنْ كَانَتْ سَرِيرَتُهُ * تَقْوَى الْإِلَهِ وَكُلَّ الْخَيْرِ يَصْطَنِعُ قَوْمٌ إِذَا حَارَبُوا ضَرُّوا عَدُوَّهُمْ * أَوْ حَاوَلُوا النَّفْعَ فِي أَشْيَاعِهِمْ نَفَعُوا سَجِيَّةٌ تِلْكَ مِنْهُمْ غَيْرُ مُحْدَثَةٍ * إِنَّ الْخَلَائِقَ - فَاعْلَم - شَرها الْبدع


(١) البيع: جمع بيعَة، وهى مَوضِع الصَّلَاة.
(٢) القزع: الْقطع من السَّحَاب.
(٣) الْهوى: الاسراع.
(٤) الكوم: الابل الْعِظَام الاسنمة.
وعبطا: من غير عِلّة.
(٥) قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالشِّعْرِ ينكرها للزبرقان.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>