للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قُلْتُ: وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ وَبَيْنِ قَوْلِ الْبَاقِينَ، وَهُوَ أَنَّ خَالِدًا لَمَّا أَخَذَ الرَّايَةَ حَاشَى بِالْقَوْمِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى خَلَّصَهُمْ مِنْ أَيْدِي الْكَافِرِينَ مِنَ الرُّومِ وَالْمُسْتَعْرِبَةِ.

فَلَمَّا أَصْبَحَ وَحَوَّلَ الْجَيْشَ مَيْمَنَةً وَمَيْسَرَةً وَمُقَدِّمَةً وَسَاقَةً، كَمَا ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيُّ تَوَهَّمَ الرُّومُ أَنَّ ذَلِكَ عَنْ مَدَدٍ جَاءَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا حَمَلَ عَلَيْهِمْ خَالِدٌ هَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ] (١) .

* * * وَقد قَالَ (٢) ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أَقْبَلَ أَصْحَابُ مُؤْتَةَ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مَعَهُ [قَالَ: وَلَقِيَهُمُ الصِّبْيَانُ يَشْتَدُّونَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقْبِلٌ مَعَ الْقَوْمِ عَلَى دَابَّةٍ، فَقَالَ: خُذُوا الصِّبْيَانَ فَاحْمِلُوهُمْ وَأَعْطُونِي ابْنَ جَعْفَرٍ.

فَأُتِي بِعَبْدِ اللَّهِ فَأَخَذَهُ فَحَمله بَين يَدَيْهِ (٣) ] فَجعلُوا يحثون عَلَيْهِم التُّرَابِ

وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ فَرَرْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسُوا بِالْفُرَّارِ وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ إِنْ شَاءَ الله عزوجل) .

وَهَذَا مُرْسَلٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَفِيهِ غَرَابَةٌ.

[وَعِنْدِي أَنَّ ابْنَ إِسْحَاقَ قَدْ وَهِمَ فِي هَذَا السِّيَاق فَظن أَن هَذَا الْجُمْهُور الْجَيْش، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذين فَرُّوا حِينَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ، وَأَمَّا بَقِيَّتُهُمْ فَلَمْ يَفِرُّوا بَلْ نُصِرُوا، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَخَذَ الرَّايَةَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، فَمَا كَانَ الْمُسلمُونَ ليسمونهم فِرَارًا بعد ذَلِك، وَإِنَّمَا تلقوهم إِكْرَاما وَإِعْظَامًا، وَإِنَّمَا كَانَ التَّأْنِيبُ وَحَثْيُ التُّرَابِ لِلَّذِينِ فَرُّوا وَتَرَكُوهُمْ هُنَالِكَ، وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا] (٤) .

[وَقَدْ (٥) ] قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَسَنٌ، حَدَّثَنَا زُهَيْر، حَدثنَا يزِيد بن أبي زِيَاد،


(١) سَقَطت من أ.
(٢) أ: لَكِن قَالَ.
(٣) من ابْن هِشَام.
(٤) سَقَطت من أ.
(٥) من أ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>