للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُمْنَعُ إِضَافَةُ الْفِعْلِ إِلَى الْحَيَوَانِ وَإِنْ كَانَ اللَّهُ خَالِقَهُ - بِطَرِيقِ الْأَوْلَى.

فَإِنَّ الْقَدَرِيَّةَ لَا تُنَازِعُ فِي أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ مَا فِي الْجَمَادَاتِ مِنَ الْقُوَى وَالْحَرَكَاتِ وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ (١) أَنَّ الْأَرْضَ تُنْبِتُ، وَأَنَّ السَّحَابَ يَحْمِلُ الْمَاءَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} [سُورَةُ الذَّارِيَاتِ: ٢] .

وَالرِّيحُ تَنْقُلُ السَّحَابَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: ٥٧] ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الرِّيحَ تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَاءَ طَغَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ} [سُورَةُ الْحَاقَّةِ: ١١] .

بَلْ قَدْ أَخْبَرَ بِمَا هُوَ أَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ سُجُودِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَتَسْبِيحِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [سُورَةُ الْحَجِّ: ١٨] .

وَهَذَا التَّفْصِيلُ يَمْنَعُ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ كَوْنُهَا مَخْلُوقَةً دَالَّةً عَلَى الْخَالِقِ وَأَنَّ الْمُرَادَ شَهَادَتُهَا بِلِسَانِ الْحَالِ فَإِنَّ هَذَا عَامٌّ لِجَمِيعِ النَّاسِ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} [سُورَةُ سَبَأٍ: ١٠] .

وَقَالَ: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْرَاقِ - وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ} [سُورَةُ ص: ١٨، ١٩] .


(١) ع: وَاللَّهُ قَدْ أَخْبَرَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>