أُخْرَى، وَلَا يقبل تعديلهما فِي الشَّهَادَة الاولى وَهُوَ كَمَا قَالَ نصير رَحمَه الله تَعَالَى.
قَوْله: (وَلَا تنس مَا مر عَنْ الْأَشْبَاهِ) أَيْ قُبَيْلَ التَّحْكِيمِ مِنْ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ أَمَرَ قُضَاتَهُ بِتَحْلِيفِ الشُّهُودِ وَجَبَ عَلَى الْعُلَمَاءِ أَنْ يَنْصَحُوهُ وَيَقُولُوا لَهُ لَا تُكَلِّفْ قُضَاتَك إلَى أَمْرٍ يَلْزَمُ مِنْهُ سُخْطُك إِن خالفوك أَو سخط الْخَالِق إِذا وافقوك اه ح.
وَأَقُول: وَعبارَة الْبَحْر بعد مَا ذكر عبارَة القلانسي من أَن مُخْتَار ابْن أبي ليلى استحلاف الشُّهُود.
قَالَ قلت: وَلَا يُضعفهُ مَا فِي الْكتب الْمُعْتَمدَة كالخلاصية وَالْبَزَّازِيَّة من أَنه لَا يَمِين على الشَّاهِد لانه عِنْد ظُهُور عَدَالَته وَالْكَلَام عِنْد خفائها، خُصُوصا فِي زَمَاننَا أَن الشَّاهِد مَجْهُول الْحَال، وَكَذَا الْمُزَكي غَالِبا والمجهول لَا يعرف الْمَجْهُول، لَكِن قَالَ الْعَلامَة الْمَقْدِسِي بعد مَا ذكر مَا فِي التَّهْذِيب للقلانسي: لَا يخفى أَنه مُخَالف لما فِي الْكتب الْمُعْتَمدَة.
وَلَا يُقَال: يجب الْعَمَل بِهِ لَان الشَّاهِد مَجْهُول كالمزكي غَالِبا والمجهول لَا يعرف الْمَجْهُول.
لانا نقُول: الامر كَذَلِك، لَكِن قَالَ الْفَقِيه: لَو استقصى مثل ذَلِك لضاق الامر وَلَا يُوجد مُؤمن بِغَيْر عيب كَمَا قيل: وَمن ذَا الَّذِي ترْضى سجاياه كلهَا كفى الْمَرْء نبْلًا أَن تعد معايبه أَقُول: لَكِن صدر الامر السلطاني أَنه إِذا ألح الْخصم على القَاضِي بِأَن يحلف الشُّهُود قبل الحكم لتقوية الشَّهَادَة وَرَأى الْحَاكِم لُزُوم ذَلِك فَلهُ إجَابَته كَمَا فِي مَادَّة ١٧٢٧ من الْمجلة.
لَطِيفَة فِي الْمُلْتَقط عَن غَسَّان بن مُحَمَّد الْمروزِي قَالَ: قدمت الْكُوفَة قَاضِيا فَوجدت فِيهَا مائَة وَعشْرين عدلا فطلبت أسرارهم فرددتهم إِلَى سِتَّة ثمَّ أسقطت أَرْبَعَة، فَلَمَّا رَأَيْت ذَلِك استعفيت واعتزلت.
تَنْبِيه: قَالَ إِسْمَاعِيل بن حَمَّاد حفيد أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى، وَهُوَ من جملَة الائمة.
أَخذ عَن أبي يُوسُف وزاحمه فِي الْعلم، وَلَو عمر لفاق الْمُتَقَدِّمين والمتأخرين، لكنه مَاتَ شَابًّا رَحمَه الله تَعَالَى: أَرْبَعَة من الشُّهُود لَا أسأَل عَنْهُم.
شَاهد غَرِيب: وَهُوَ أَن يجْتَمع الْخُصُوم بِبَاب القَاضِي وَمِنْهُم شخص يَدعِي الغربة والعزم على السّفر وفوت الرفاق بِالتَّأْخِيرِ وَطلب تَقْدِيمه لذَلِك: أَي بِلَا قرعَة كَمَا فِي الْبَحْر، فَلَا يقبل إِلَّا بِشَاهِدين على ذَلِك، وَلَا يحْتَاج إِلَى تزكيتهما لتحَقّق الْفَوات بطول الْمدَّة بالتزكية.
الثَّانِيَة: الْعَدْوى، وَهِي مَا لَو سمى شخصا بَينه وَبَين الْمصر أَكثر من يَوْم وَله عَلَيْهِ دَعْوَى لَا يُرْسل القَاضِي خَلفه حَتَّى يُقيم بَيِّنَة بِالْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، وَلَا يشْتَرط تعديلها.
وَنقل عَن مُحَمَّد أَنه اشْترط تَعْدِيل هذَيْن لما فِيهِ من الالزام على الْغَيْر، وكل مَا كَانَ كَذَلِك سَبيله التَّعْدِيل، وَإِلَيْهِ مَال الْحلْوانِي وَقَالَ: إِنَّه روى عَن الامام.
الثَّالِثَة: شَاهد رد الطينة، وَهُوَ مَا لَو ادّعى على شخص لَيْسَ بحاضر مَعَه بِحَق وَذكر أَنه امْتنع من الْحُضُور مَعَه أعطَاهُ القَاضِي طِينَة أَو خَاتمًا وَقَالَ أره إِيَّاه وادعه إِلَيّ وَأشْهد عَلَيْهِ، فَإِن أرَاهُ ذَلِك وَقَالَ لَا أحضر وَشهد عِنْد القَاضِي بذلك مستوران لَا يسْأَل عَنْهُمَا.
قَالُوا: وَفِيمَا نقل عَن مُحَمَّد إِشَارَة إِلَى تعديلهما حَيْثُ قيد بِمَا فِيهِ إِلْزَام على الْغَيْر.
وَقَالَ الصَّدْر الشَّهِيد: إِن عدم التَّعْدِيل أنظر للنَّاس وَبِه نَأْخُذ لخوف اختفاء الْخصم مَخَافَة الْعقُوبَة، فَإِذا شَهدا كتب إِلَى الْوَالِي فِي إِحْضَاره.