فاخلفني في أهلي وأهلك، أما ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى". والمستدلّ بهذا الحديث على أن الخلافة كانت بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى علي -رضي الله عنه- زائغ عن منهج الصواب، فإن الخلافة في الأهل في حياته لا تقتضي الخلافة في الأمة بعد الممات، والمقايسة التي تمسكوا بها تنتقض عليهم بموت هارون قبل موسى -عليهما السلام- انتهى، كذا في "الطيبي" (١١/ ٢٦٣ - ٢٦٤).
وقد استخلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ابن أم مكتوم في هذه الغزوة على إمامة الناس، فلو كانت الخلافة مطلقة لكان استخلف عليًّا على الإمامة أيضًا بل كان أهمّ، كذا في "اللمعات".
قال القاضي عياض: هذا مما تعلقت الروافض وسائر فِرَق الشيعة في أن الخلافة كانت حقًّا لعلي، وأنه وصى له بها، فكفّرت الروافض سائر الصحابة بتقديمهم غيره، وزاد بعضهم فكفّر عليًّا -رضي الله عنه- لأنه لم يقم في طلب حقه، وهؤلاء أسخف عقلًا وأفسد مذهبًا من أن يذكر قولهم، ولا شكّ في تكفير هؤلاء؛ لأن من كفّر الأمة كلَّها والصدر الأول خصوصًا، فقد أبطل الشريعة وهدم الإسلام، ولا حجة في الحديث لأحد منهم، بل فيه إثبات فضيلة لعلي، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره، وليس فيه دلالة على استخلافه بعده، لأن هارون المشبَّه به لم يكن خليفة بعد موسى، لأنه توفي قبل وفاته بنحو أربعين سنة، وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة، انتهى، كذا في "الطيبي" (١١/ ٢٦٣) و"المرقاة" (١٠/ ٤٥٤ - ٤٥٥).