باب المشكك، وبين رحمه الله أن بعض أهل الاصطلاح لا يجعل المشكك قسما ثالثاً، بل يجعله من قسم المتواطئ، ورجح شيخ الإسلام هذا القول، وعلى هذا يكون المتواطئ نوعان:
١) ما استوت فيه أفراده.
٢) ما تفاوتت وتفاضلت فيه أفراده (وهو المتواطئ الخاص الذي يسمى مشككًا).
ولذلك تجد شيخ الإسلام كثيراً ما ينص على أنها متواطئة، ويعني بالتواطئ: التواطئ الخاص، وأما من جعل المشككة قسماً ثالثاً، فإنه يجعلها من قبيل المشككة لا المتواطئة، ولا مشاحة في الاصطلاح إذا عُلم المقصود وفُهم المراد، قال شيخ الإسلام:«ثم من جعل المشككة نوعا من المتواطئة لم يمتنع -عنده- إذا قيل: مشككة، أن تكون متواطئة، ومن جعل ذلك نوعاً آخر جعلها مشككة لا متواطئة، وهذا نزاع لفظي، فإن المتواطئة التواطؤ العام، يدخل فيها المشككة؛ إذ المراد بالمشككة: ما يتفاضل معانيها في مواردها، كلفظ الأبيض الذي يقال على البياض الشديد، كبياض الثلج، والخفيف كبياض العاج، والشديد أولى به.
ومعلوم أن مسمى البياض في اللغة لا يختص بالشديد دون الخفيف، فكان اللفظ دالا على ما به الاشتراك، وهو المعنى العام الكلي، وهو متواطئ بهذا الاعتبار، وهو باعتبار التفاضل يسمى مشككا. وأما إذا أريد بالتواطؤ: ما تستوي معانيه، كانت المشككة نوعاً آخر، لكن تخصيص لفظ المتواطئة بهذا عرف حادث، وهو خطأ أيضاً؛ فإن عامة المعاني العامة تتفاضل، والتماثل فيها في جميع مواردها بحيث لا تتفاضل في شيء من مواردها إما قليل، وإما معدوم. فلو لم تكن هذه الأسماء متواطئة بل مشككة، كان عامة الأسماء الكلية غير متواطئة» (١).
(١) الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح (٤/ ٤٢٥ - ٤٢٦).