للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي المعنى منازعات عقلية، فيطلقه كل قوم بحسب اصطلاحهم وحسب اعتقادهم» (١).

ثالثاً: بين رحمه الله أن قوله في الواسطية: (من غير تكييف ولا تمثيل)، يقتضي نفي كل معنى باطل ينزه الله عنه، وإنما جاءت النصوص والآثار بنفيهما؛ لأن في نفيهما نفي كل ما يتصور منه مشاركة المخلوق للخالق في أي شيء من خصائصه، وتنزيهه عن مماثلة مخلوقاته من أي وجه من الوجوه، قال شيخ الإسلام موضحا هذا: «ولكن جاءت النصوص في النفي بلفظ المثل والكفو والند والسمي … وبينا أن الله ليس كمثله شيء بوجه من الوجوه، فيجب أن ينفى عنه المثل مطلقاً ومقيداً، وكذلك الند والكفو والشريك ونحو ذلك من الأسماء التي جاء القرآن بنفيها، وذكرنا من أدلة ذلك أن الله تعالى لما نفى المثل عن نفسه … فلا يخلو:

إما أن يكون النفي من ذلك مختصًّا بالمماثل له من كل وجه: وهو المكافئ له من كل وجه فقط، والمساوي والمعادل له والمكافئ له من كل وجه.

أو يكون النفي عاماً في المماثل ولو من بعض الوجوه، والمكافئ ولو من بعض الوجوه.

ولا يجوز أن يكون النفي مختصًّا بالقسم الأول؛ لأن هذا لم يعتقده أحد من البشر، وهو سبحانه ذم ونهى عما هو موجود في البشر؛ ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له رجل: ما شاء الله وشئت. قال: (أجعلتني لله ندًّا، بل ما شاء الله وحده) (٢)، فثبت أن هذه الأسماء المنفية تعم المثل والكفو والند والشريك والعديل ولو من بعض الوجوه، وهذا هو الحق؛ وذلك لأن المخلوقات وإن كان فيها شبه من بعض الوجوه: في مثل معنى الموجود والحي والعليم والقدير، فليست مماثلة بوجه من الوجوه ولا مكافأة له، بل هو سبحانه له المثل الأعلى في كل ما يثبت له


(١) منهاج السنة النبوية (٢/ ١٩٨).
(٢) رواه البخاري في الأدب المفرد (ص: ٢٦٥) (٧٨٤)، وابن ماجه (١/ ٦٨٤) (٢١١٧)، وأحمد في المسند (١/ ٢١٤)، والحديث حسن إسناده الألباني كما في الصحيحة (١٣٩).

<<  <   >  >>