للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِن الْمَسِّ، وَلَبِسَهُ وَتَكَلَّمَ عَلَى لِسَانِهِ، فَإِذَا أَفَاقَ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْءٍ مِمَّا قَالَ، وَلهَذَا قَد يُضْرَبُ الْمَصْرُوع وَذَلِكَ الضَّرْبُ لَا يُؤثِّرُ فِي الْإِنْسِيٍّ، وَيُخْبِرُ إذَا أَفَاقَ أَنَّهُ لَمْ يَشْعُرْ بِشَيْء؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ كَانَ عَلَى الْجِنِّيِّ الَّذِي لَبِسَهُ.

وَمِن هَؤُلَاءِ مَن يَأْتِيه الشَّيْطَانُ بِأَطْعِمَةٍ وَفَوَاكِهَ وَحَلْوَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُون فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَمِنْهُم مَن يَطِيرُ بِهِم الْجِنِّيُّ إلَى مَكَّةَ أَو بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَو غَيْرِهِمَا، وَمِنْهُم مَن يَحْمِلُهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ ثُمَّ يُعِيدُهُ مِن لَيْلَتِهِ فَلَا يَحُجُّ حَجًّا شَرْعِيًّا؛ بَل يَذْهَبُ بِثِيَابِهِ وَلَا يُحْرِمُ إذَا حَاذَى الْمِيقَاتَ، وَلَا يُلَبِّي وَلَا يَقِفُ بمزدلفة، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ، وَلَا يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلَا يَرْمِي الْجِمَارَ؛ بَل يَقِفُ بِعَرَفَةَ بِثِيَابِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ مِن لَيْلَتِهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِحَجٍّ.

١٠٩٧ - لَمَّا كَانَت عِبَادَةُ الْمُسْلِمِينَ الْمَشْرُوعَةُ فِي الْمَسَاجِدِ الَّتِي هِيَ بُيُوتُ اللّهِ كَانَ عُمَّارُ الْمَسَاجِدِ أَبْعَدَ عَن الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، وَكَانَ أَهْلُ الشِّرْكِ وَالْبِدَعِ يُعَظِّمُونَ الْقُبُورَ وَمَشَاهِدَ الْمَوْتَى، فَيَدْعُونَ الْمَيِّتَ أَو يَدْعُونَ بِهِ، أَو يَعْتَقِدُونَ أَنَّ الدُّعَاءَ عِنْدَهُ مُسْتَجَابٌ: أَقْرَبَ إلَى الْأَحْوَالِ الشَّيْطَانِيَّةِ، فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" (١) عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ - صلى الله عليه وسلم - قَبْلَ أَنْ يَمُوتَ بِخَمْسِ لَيَالٍ: "إنَّ مِن أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو (٢) بَكْرٍ، وَلَو كُنْت مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أَهْلِ الْأَرْضِ لَاِتَّخَذْت أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللّهِ، لَا يَبْقَيَن فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إلَّا سُدَّتْ إلَّا خَوْخَةُ أَبِي بَكْرٍ، إنَّ مَن كَانَ قَبْلَكُمْ كَانُوا يَتَّخِذُونَ الْقُبُورَ مَسَاجِدَ أَلَا فَلَا تَتَّخِذُوا الْقُبُورَ مَسَاجِدَ، فَإِنِّي أَنْهَاكمْ عَن ذَلِكَ". [١١/ ٢٩٠]


(١) (٥٣٢).
(٢) هكذا في الأصل. والذي في البخاري: (أبا بكر)، بالنصب، وهو أصوب؛ لأن أبا بكر اسم إن مؤخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>