للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

أَحَدُهَا: أَنَّ قَوْمًا زَهِدُوا فِيمَا يَنْفَعُهُم بِلَا مَضَرَّةٍ، فَوَقَعُوا بِهِ فِي تَرْكِ وَاجِبَاتٍ أَو مُسْتَحَبَّاتٍ، كَمَن تَرَكَ النِّسَاءَ وَاللَّحْمَ وَنَحْو ذَلِكَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ زُهْدَ هَذَا أَوْقَعَهُ فِي فِعْلِ مَحْظُورَات، كَمَن تَرَكَ تَنَاوُلَ مَا أُبِيحَ لَهُ مِنَ الْمَالِ وَالْمَنْفَعَةِ وَاحْتَاجَ إلَى ذَلِكَ فَأَخَذَة مِن حَرَامٍ، أَو سَأَلَ النَّاسَ الْمَسْأَلَةَ الْمُحَرَّمَةَ، أَو اسْتَشْرَفَ إلَيْهِمْ، وَالِاسْتِشْرَافُ مَكْرُوهٌ.

وَالثَّالِثُ: مَن زَهِدَ زُهْدَ الْكَسَلِ وَالْبَطَالَةِ وَالرَّاحَةِ، لَا لِطَلَبِ الدَّارِ الْآخِرَةِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ وَالْعِلْمِ النَّافِعِ؛ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ زَاهِدًا بَطَّالًا فَسَدَ أَعْظَمَ فَسَادٍ، فَهَؤُلَاءِ لَا يُعَمِّرُونَ الدُّنْيَا وَلَا الْآخِرَةَ. [٢٠/ ١٥٠]

١٠٣٥ - قَالَ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن تَعَزَّى بِعَزَاءِ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بهن أَبِيهِ وَلَا تَكْنُوا".

فَسَمِعَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ رَجُلًا يَقُولُ: "يَا لِفُلَان" فَقَالَ: "اعْضَضْ أَيْرَ أَبِيك، فَقَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، مَا كُنْت فَاحِشًا، فَقَالَ: بِهَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -". رَوَاهُ أَحْمَد فِي مُسْنَدِهِ (١).

وَمَعْنَى قَوْلِهِ: "مَن تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ": يَعْنِي: يَعْتَزِي بِعزْوَاتِهِمْ، وَهِيَ الِانْتِسَابُ إلَيْهِم فِي الدَّعْوَةِ، مِثْل قَوْلِهِ: يَا لِقَيْس، يَا ليمن، وَيَا لِهِلَال، وَيَا لِأَسَد، فَمَن تَعَصَّبَ لِأَهْلِ بَلْدَتِهِ أَو مَذْهَبِهِ أَو طَرِيقَتِهِ أَو قَرَابَتِهِ أَو لِأَصْدِقَائِهِ دُونَ غَيْرِهِمْ: كَانَت فِيهِ شُعْبَةٌ مِن الْجَاهِلِيَّةِ، حَتَّى يَكُونَ الْمُؤْمِنُونَ كَمَا أَمَرَهُم اللّهُ تَعَالَى مُعْتَصِمِينَ بِحَبْلِهِ وَكِتَابِهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، فَإِنَّ كِتَابَهُم وَاحِدٌ، وَدِينهُم وَاحِدٌ، وَنَبِيّهُم وَاحِدٌ، وَرَبّهُم إلَهٌ وَاحِدٌ، لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ، وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ. [٢٨/ ٤٢٢ - ٤٢٣]

١٠٣٦ - قَالَ تعالى فِي وَصْفِهِمْ [أي: المنافقين] بِالشُّحِّ: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ}


(١) (٢١٢٣٦، ٢١٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>