للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٤٢١١ - إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّ مَالَ الْيَتِيمِ قَد ذَهَبَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ: فَهُوَ بَاقٍ بِحُكْم يُوجِبُ إبْقَاءَهُ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ.

لَكِنْ هَل يَكُونُ دينًا يُحَاصُّ (١) الْغُرَمَاءَ؟ أَو يَكُونُ أَمَانَةً يُؤخَذُ مِن أَصْلِ الْمَالِ؟ فِيهِ نِزَاعٌ.

وإذَا ادَّعَى الْوَارِثُ رَدَّهُ إلَيْهِ لَمْ يُقْبَل بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الْوَصِيُّ قَد أَقْبَضَهُ لِغَيْرِهِ، وَذَلِكَ الْغَيْرُ أَقْبَضَهُ لِلْيَتِيمِ، فَإنْ ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَ الْإِقْبَاضُ مِمَّا يسوغُ: فَقَد بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ؛ مِثْل أَنْ يَكُونَ الْيَتِيمُ قَد رَشَدَ، فَسَلَّمَ إلَيْهِ مَالَهُ بَعْدَ أَنْ آنَسَ الرُّشْدَ، وَإِن لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْحَجْرَ عَنْهُ لَا يحْتَاجُ إلَى ثُبُوتِ الْحَاكِمِ وَلَا حُكْمِهِ؛ بَل مَتَى آنَسَ الْوَصِيُّ مِنْهُ الرُّشدَ فَعَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَالَهُ، كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء: ٦].

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْوَصِيُّ قَد سَلَّمَ الْمَالَ مَن لَا يَجُوزُ تَسْلِيمُهُ إلَيْهِ: فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ.

ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَالُ وَصَلَ إلَى الْيَتِيمِ الباين رُشْدُهُ: فَقَد بَرِئَتْ ذِمَّةُ الْوَصيِّ، كَمَا تَبْرَأُ ذِمَّةُ كُلِّ غَاصِبٍ يوصِلُ الْمَالَ إلَى مُسْتَحِقِّهِ.

وَلَو كَانَ بِغَيْرِ فِعْلِ الْغَاصِبِ وَلَا تَعَدٍّ مِثْل أَنْ يَأُخُذَهُ الْمَالِكُ قَهْرًا، أَو يُخَلِّصَهُ لَهُ بَعْضُ النَّاسِ، أَو تُطَيِّرَهُ إلَيْهِ الرِّيحُ.

فَإِنْ أَنْكَرَ الْيَتِيمُ بَعْدَ إينَاسِ الرُّشْدِ وُصُولَهُ إلَيْهِ مِن جِهَةِ ذَلِكَ الْقَابِضِ الَّذِي لَيْسَ بِوَكِيل لِلْوَصِيِّ: فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَ إقْبَاضَ الْوَصِيِّ أَو وَكِيلِهِ لِأحَد: فَهَل يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَو قَوْلُ الْوَصِيِّ؟ فِيهِ نِزَاعٌ مَشْهُورٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. [٣١/ ٣٢٩ - ٣٣٠]


(١) المحاصة: المقاسمة، وتحاص الغرماءُ؛ أي: تقاسموا بالحصص، والحصص جمع حصة وهي النصيب.

<<  <  ج: ص:  >  >>