للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:
مسار الصفحة الحالية:

يَقُولُ الْقَائِلُ: ذَهَبْت إلَى دِمَشْقَ أَو مِصْرَ أَو بَغْدَادَ أَو غَيْرِ ذَلِكَ وَسَكَنْت فِيهَا وَأَقَمْت فِيهَا مُدَّةً وَنَحْو ذَلِكَ، وَهُوَ إنَّمَا كَانَ سَاكِنًا خَارجَ السُّورِ فَاسْمُ الْمَدِينَةِ يَعُمُّ تِلْكَ الْمَسَاكِنَ كُلَّهَا.

وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْمُتَرَدِّدَ فِي الْمَسَاكِنِ لَا يُسَمَّى مُسَافِرًا، وَإِذَا كَانَ النَّاسُ يَعْتَادُونَ الْمَبِيتَ فِي بَسَاتِينِهِمْ وَلَهُم فِيهَا مَسَاكِنُ كَانَ خُرُوجُهُم إلَيْهَا كَخُرُوجِهِمْ إلَى بَعْضِ نَوَاحِي مَسَاكِنِهِمْ، فَلَا يَكُونُ الْمُسَافِرُ مُسَافِرًا حَتَّى يُسْفِرَ فَيَكْشِفَ وَيَظْهَرَ لِلْبَرِيَّةِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْمَسَاكِنِ الَّتِي لَا يَسِيرُ السَّائِرُ فِيهَا؛ بَل يَظْهَرُ فِيهَا وَيَنْكَشِفُ فِي الْعَادَةِ. [١٩/ ٢٣٥ - ٢٤٧]

٢٧٩٩ - إِذَا جَدَّ السَّيْرُ بِالْمُسَافِرِ جَمَعَ سَوَاءٌ كَانَ سَفَرُهُ طَوِيلًا أَو قَصِيرًا كَمَا مَضَتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -.

وَلَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ فِي الْعُرْفِ سَفَرًا؛ مِثْل أَنْ يَتَزَوَّدَ لَهُ، وَيبْرُزَ لِلصَّحْرَاءِ.

فَأمَّا إذَا كَانَ فِي مِثْل دِمَشْقَ وَهُوَ يَنْتَقِلُ مِن قُرَاهَا الشَّجَرِيَّةِ مِن قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ كَمَا يَنْتَقِلُ مِنَ الصالحية إلَى دِمَشْقَ: فَهَذَا لَيْسَ بِمُسَافِر، كَمَا أَنَّ مَدِينَةَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَت بِمَنْزِلَةِ الْقُرَى الْمُتَقَارِبَةِ، عِنْدَ كُلِّ قَوْمٍ نَخِيلُهُم وَمَقَابِرُهُم وَمَسَاجِدُهُمْ: قُبَاء وَغَيْرِ قُبَاء، وَلَمْ يَكُن خُرُوجُ الْخَارجِ إلَى قُبَاء سَفَرًا، وَلهَذَا لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَصْحَابُة يَقْصُرُونَ فِي مِثْل ذَلِكَ؛ فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى قَالَ: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ} [التوبة: ١٠١] فَجَمِيعُ الْأَبْنِيَةِ تَدْخلُ فِي مُسَمَّى الْمَدِينَةِ، وَمَا خَرَجَ عَن أَهْلِهَا فَهُوَ مِنَ الْأَعْرَابِ أَهْلِ الْعَمُودِ.

وَالْمُنْتَقِل مِنَ الْمَدِينَةِ مِن نَاحِيَةٍ إلَى نَاحِيَةٍ لَيْسَ بِمُسَافِر وَلَا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ.

وَلَكِنَّ هَذِهِ مَسَائِلُ اجْتِهَادٍ، فَمَن فَعَلَ مِنْهَا بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ لَمْ يُنْكرْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُهْجَرْ. [٢٤/ ١٤ - ١٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>