للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يزل ينثر هذه العقود الثمينة، مع تفخيم هذا النظم، إلى أن قال:

ما لي وما للقوافي لا أسيرها ... إلا وأقعد محرومًا ومحسودا

أسكرتهم بكئوس الراح مترعة ... ولم أنل منهم إلا العرابيدا١

سمعت بالجود مفقودًا فهل أحد ... يقول إني وجدت الجود موجودا

الحمد لله لا والله ما نظرت ... عيناي بعد أبي المنصور محمودا

هذا المخلص خلاه نصر الله بن قلاقس، مع زيادة حسنه، بشعار التورية. ومثله قوله من قصيدة يمدح بها الشيخ سديد الدين المعروف بالحصري مطلعها:

أروه الجلنار من الخدود ... وأخفوا عنه رمان النهود٢

وقال بعده:

وحلوا مقلتيه بدرّ دمع ... تبسم في المخانق والبرود٣

وما غرسوا نخيل العيس إلا ... وهم فيها من الطلع النضيد٤

سقى مصرًا وساكنها ملث ... طليل البرق صخاب الرعود

موارد بي لها ظمأ شديد ... ولكن لا سبيل إلى الورود

هل الرأي السديد البعد عنها ... نعم إن كان للشيخ السديد

ويعجبني من مخالص القاضي السعيد هبة الله بن سنا الملك قوله، من قصيدة يمدح بها القاضي الفاضل، أتى فيها بحسن لتخلص، ولم يخلص من إشراك عيون الغزل، لغرابة أسلوبها:

ضنت بطرف ظل بعدي سقمه ... أرأيتم من ضن حتى بالضنى

يا عاذلين جهلتم فضل الهوى ... وعذلتم فيه ولكني أنا

إني رأيت الشمس ثم رأيتها ... ماذا علي إذا هويت الأحسنا

وسألت من أي المعادن ثغرها ... فوجدت من عبد الرحيم المعدنا

وما أحلى ما قال بعد المخلص:

أبصرت جوهر ثغرها وكلامه ... فعلمت حقًّا أن هذا من هنا


١ مترعة: مليئة، العرابيد: المجون والتهتك: مفردها عربدة.
٢ الجلنار: زهر الرمان، النهود: جمع مفرده نهد وهو الثدي إذا نهد وارتفع في الصدر
٣ المخانق: جمع مفرده المخنقة. وهي القلادة، والبرود: مفرده برد: وهو الثوب الفضفاض والموشى.
٤ الطلع: من النخل شيء يطلع كأنه نعلان والحَمْلُ بينهما منضود، نضيد: منضود، مصفوف.

<<  <  ج: ص:  >  >>