للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتطرقوا بهذا إلى قولهم: إن الموصى إليه بنوع من التصرف لا يصير وصيًا مطلقًا.

ونحن لا نسلم هذا وننازعهم في المقدمات الثلاث، فما الإذن ولاية، ولا الولاية يمتنع عليها التجزؤ، ولا إثبات بعض ما يتجزأ إثبات كله؛ بل قد يكون باطلًا.

ومنها: لا يعامل المأذون سيده ولا يبيع منه ولا يشتري لأن تصرفه لسيده بخلاف المكاتب.

وقال أبو حنيفة [رحمه الله] ١ له أن يعامله، لأن تصرفه لنفسه، وأغرب أبو حامد فحكى فيما إذا كان عليه دين يستغرق ذمته وجهًا أن له أن يشتري منه؛ لأن ما في يده حق الغرماء.

قال الوالد رحمه الله: ويحتمل أن يريد هذا القائل أن السيد يأخذه بقيمته كما يدفع قيمة العبد الجاني ولا يكون تبعًا قال: ويجب تأويله على هذا فلا يكون غلطًا.

تنبيه: لما أثبت الحنفية للمأذون استقلًا كالمكاتب [وبني] ٢ عليه ما ذكر من مسائل ألزموا أصحابنا أن سيده لا يطالب بثمن ما اشتراه بخلاف الوكيل، وأن العبد إذا باع سلعة خرجت مستحقة وتلف الثمن في يده رجع عليه.

قال الإمام: وأعتقد ذلك مسلمًا لهم ثم أخذ يمانعهم وفي المسألة كلام طويل ووقع فيها للرافعي بسبب جمعه من كلام الإمام والأصحاب ما فيه مناقشة وقد بين الشيخ الإمام ذلك في شرح المنهاج فلا أطيل به.

وحاصله: أن الأرجح أن السيد لا يطالب بثمن ما اشتراه العبد ولا بالبدل إذا خرج المبيع مستحقًا، وأن الديون لا تلزم السيد.

وعلى هذا يجيء سؤال الحنفية فيقولون: إذا كان لا استقلال له وما هو إلا واسطة والتصرف في الحقيقة من السيد -فهلا طولب؟ والجواب أنه لما أذن له صار العبد هو المقصود بالمعاملة -فعلى من يعامله أن يحتاط لنفسه ويقصر الأمر عليه من غير نظر إلى سيده والله أعلم.

مسألة:

النبي صلى الله عليه وسلم يتصرف بالفتيا والسلطنة، وكل من الأمرين ناشئ عن الله تعالى، فإنه عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى.


١ سقط من "ب".
٢ في "ب" وبنوا.