(وكره إلصلاة إلى القبر وفي المقبرة وعلى القبر أبو حنيفة والاوزاعي وسفيان ولم ير ماك بذلك بأسا! واحتج له بعض مقلديه بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قبر المسكينة السوداء! قال ابن حزم: (وهذا عجب ناهيك به أن يكون هؤلاء القوم يخالفون هذا الخبر فيما جاء فيه، فلا يجيزون أن نصلى صلاة الجنازة على من دفن، ثم يستبيحون ما ليس فيه أثر منه ولا إشارة، مخالفة للسنن الثابتة. قال: كل هذه الاثار حق، فلا تحل الصلاة حيث ذكرنا إلا صلاة الجنازة فإنها تصلى في المقبرة، وعلى القبر الذي قد دفن صاحبه كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحرم ما نهى عنه، ونعد من التقرب إلى الله تعالى أن نفعل! مثل ما فعل فأمره ونهيه حق، وفعله حق، وما عدا ذلك فباطل). قلت: وفيما قاله في صلاة الجنازة نظر، لانه لا نص على جوزها في المقبرة ولو كان ابن حزم من القائلين فالقياس لقلنا أنه قاس ذلك على الصلاة على القبر: ولكنه يقول ببطلان القياس من أصله، وصلاة الجنازة في المقبرة خلاف السنة التي لم تأت إلا بصلاتها في المصلى وفي المسجد كما سبق بيانه في محله، بل قد جاء النهي الصريح عن الصلاة عليها بين القبور كما في رواية في حديث أنس المذكور في هذا الفصل، وهو الحديث الثاني منه.