للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالجواب: أنها تضمَّنت كيفية حال الناس مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك الابتداء، ولأن الآية المكتوبة إلى هرقل للدعاء إلى الإسلام ملتئمة مع الآية التي في الترجمة، وهي قوله تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} الآية [النساء: ١٦٣]، وقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا} [الشورى: ١٣]، فبان أنه أوحي إليهم كلهم أن أقيموا الدين، وهو معنى قوله تعالى: {سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية [آل عمران: ٦٤]، انتهى.

وقيل: إن الأسئلة العشرة من هرقل كلها تناسب بدءَ الوحي، وقيل: هذه الأوصاف المذكورة في الأسئلة تدل على عظمته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم المشعرة لعظمة الوحي الذي أرسل إليه.

(في ركب) كانوا ثلاثين رجلًا، كما في "الإكليل" للحاكم، وعند ابن السكن: نحو من عشرين، وعند ابن أبي شيبة بسند صحيح إلى ابن المسيب أن المغيرة بن شعبة كان منهم، وتُعقب بأن إسلامه عام الخندق فيبعد أن يكون حاضرًا ويسكت، كذا في "القسطلاني" (١).

قلت: ولا استعباد عندي؛ فإن المخاطب كان أبا سفيان ولم يتكلم بكذب، بل يمكن أن يكون خوفه عن الكذب متأثرًا عن وجود المغيرة؛ فإن أبا سفيان خاف على نفسه أن يأثر المغيرة عنه الكذب.

(وهم بإيلياء)، أي: هرقل وجماعته، وإِيلياء بتخفيف المثناة الثانية ممدودًا ومقصورًا، وبتشديد الياء مقصورًا فقط، وفي ضبطه أقوال، هو بيت المقدس، كذا في "القسطلاني" (٢)، فإن إيل في العبرانية: الله، وياء بمعنى البيت.

وبسط الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٣) في ترتيب هذه الوقائع، فقال: وكان هرقل نذر إن رَدّ الله عليه مُلْكَه من كسرى أن يأتي إيلياء، فردّ الله عليه


(١) "إرشاد الساري" (١/ ١٢٥).
(٢) "إرشاد الساري" (١/ ١٢٦).
(٣) "لامع الدراري" (١/ ٥١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>