للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تفسيره بمجاز القرآن، وهذا الذي يريده الزمخشري من قوله: ومن المجاز كذا، لا يريد به المجاز المعروف.

ثم اعلم أن تفسير المصنف ليس على شاكلة تفسير المتأخرين في كشف المغلقات وتقرير المسائل بل قصد فيه إخراج حديث مناسب متعلق به ولو بوجه، والتَّفسير عند مسلم أقل بقليل، وأكثر منه عند الترمذي، وليس عند غيرهم من الصحاح الست، ولذا خصت باسم الجامع وإنما كثرت أحاديث التَّفسير عند الترمذي لخفة شرطه، أما البخاري فإن له مقاصد أخرى أيضًا مع عدم مبالاته بالتكرار فجاء تفسيره أبسط من هؤلاء كلهم، انتهى من "الفيض"، وتكلم فيه على معنى التَّفسير بالرأي أيضًا فارجع إليه لو شئت.

وما أفاد من أنه ليس عند غيرهم من الصحاح الست هو كذلك على الظاهر، لكن ذكر الإمام أبو داود في "سننه" "كتاب الحروف" وهو أيضًا داخل في "كتاب التَّفسير" على دأب الإمام البخاري.

وما أفاده أيضًا من أن الإمام البخاري قد أخذ في تفسيره هذا كثيرًا من كتاب أبي عبيدة هو كذلك، كما ستقف عليه في هذا الكتاب "كتاب التَّفسير"، وحكى الحافظ في موضع من كتاب التَّفسير أن الإمام البخاري كان عنده صحيفة في التَّفسير رواها أبو صالح بسنده عن ابن عباس، قد اعتمد عليها الإمام البخاري في صحيحه هذا كثيرًا، انتهى من "الفتح" (١).

قوله: (الرحمن الرحيم اسمان من الرَّحمة. . .) إلخ، كتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢) يعني: أن أصل معناهما ومادة اشتقاقهما واحد وإن كان الغالب في الفاعل استعماله من حيث الحدوث دون فعيل، ثم قد تستعمل كل منهما موضع الآخر بتجريده عن المعنى الزائد على أصل معنى قيام الفعل به، وإنما استعمل لفظ الفعيل في الصفات الخلقية لخلوها عن الحدوث بحسب أحوال المتصف به إذ لم يخل زمان من أزمانه إلا وهي قائمة به، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٨/ ٤٣٨).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٢، ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>