للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وللاعتداد بالقرائن في الأدلة أهمية كبيرة، فقد كان عدم النظر فيها وعدم الاعتداد بها سببا في نفي القطعية عن أدلة كثيرة.

فمن جهة الثبوت نفى كثيرٌ القطعيةَ عن أخبار هي قطعية عند المطلعين على القرائن التي خفيت على من نفى القطعية، كالنظر في أحوال الرواة وسيرهم وطرق الرواية١، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وكذلك الخبر المروي من عدة جهات يصدق بعضها بعضا من أناس مخصوصين قد يفيد العلم اليقيني لمن كان عالما بتلك الجهات وبحال أولئك المخبِرين وبقرائن وضمائم تحتف بالخبر، وإن كان العلم بذلك الخبر لا يحصل لمن لم يشركه في ذلك، ولهذا كان علماء الحديث الجهابذة المتبحرون في معرفته قد يحصل لهم اليقين التام بأخبار وإن كان غيرهم من العلماء قد لا يظن صدقها فضلا عن العلم بها"٢.

ومن جهة الدلالة أدت الغفلة عن النظر في القرائن المحيطة بالنصوص الشرعية إلى أن نفى بعض من لم يحط بها القطعيةَ عن كثير من الألفاظ الشرعية، إذ أخذها منفردة فتطرقت إليها عنده احتمالات كثيرة صعب عليه من أجلها القطع بها، مع أن القرائن التي تسبقها أو تلحقها أو تقارنها تنفي عنها تلك الاحتمالات٣.


١ انظر الإحكام للآمدي٢/٣٧١-٣٧٢ ومختصر الصواعق المرسلة٢/٣٥٧، ٣٧٧-٣٨٠.
٢ مجموع الفتاوى ٢٠/٢٥٧-٢٥٩.
٣ انظر البرهان١/٢٧٨، ٢٧٩ والصواعق المرسلة لابن القيم٢/٦٥٨.

<<  <   >  >>