للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الله . قال قيس: فقال رسول الله : "اركب". فأبيت، فقال: "إما أن تركب وإما أن تنصرف". قال: فانصرفت.

وقد روي هذا من وجه آخر (١) فهو حديث جيد قويّ، والله أعلم.

ثم ليُعْلمْ أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل ألا يقف تلقاء الباب بوجهه، ولكن ليَكن (٢) البابُ، عن يمينه أو يساره؛ لما رواه أبو داود: حدثنا مُؤَمَّل بن الفضل الحراني -في آخرين -قالوا: حدثنا بَقيَّة، حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن بُسْر (٣) قال: كان رسول الله إذا أتى باب قوم، لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر، ويقول: "السلام عليكم، السلام عليكم". وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور. تَفَرد به أبو داود (٤).

وقال أبو داود أيضًا: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا جرير، (ح) قال أبو داود: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا حفص، عن الأعمش، عن طلحة، عن هُزَيل قال: جاء رجل -قال عثمان: سعد -فوقف على باب النبي يستأذن، فقام على الباب -قال عثمان: مستقبل الباب -فقال له النبي : "هكذا عنك -أو: هكذا -فإنما الاستئذان من النظر" (٥).

وقد رواه أبو داود الطيالسي، عن سفيان الثوري، عن الأعمش عن طلحة بن مُصَرّف، عن رجل، عن سعد، عن النبي . رواه أبو داود من حديثه (٦).

وفي الصحيحين، عن رسول الله أنه قال: "لو أن امرأ اطلع عليك بغير إذن فَخَذَفته بحصاة، ففقأت عينه، ما كان عليك من جناح" (٧).

وأخرج الجماعة من حديث شعبة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: أتيتُ النبي في دَين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: "من ذا"؟ قلت: أنا. قال: "أنا، أنا" كأنه كرهه (٨).

وإنما كره ذلك لأن هذه اللفظة لا يُعرَف صاحبها حتى يُفصح باسمه أو كنيته التي هو مشهور بها، وإلا فكل أحد يُعبِّر عن نفسه بـ"أنا"، فلا يحصل بها المقصود من الاستئذان، الذي هو الاستئناس المأمور به في الآية.

وقال العَوْفي، عن ابن عباس: الاستئناس: الاستئذان. وكذا قال غيرُ واحد.

وقال ابن جرير: حدثنا ابن بَشَّار، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، عن أبي بِشْر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في هذه الآية: (لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا


(١) سنن أبي داود برقم (٥١٨٥) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠١٥٧)، (٥٠١٥٩) من طريق عبد الله، عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان: أن رسول الله أتى سعد بن عبادة زائرا، فذكر الحديث.
(٢) في أ: "ليكون".
(٣) في أ: "بشر".
(٤) سنن أبي داود برقم (٥١٨٦).
(٥) سنن أبي داود برقم (٥١٧٤).
(٦) سنن أبي داود برقم (٥١٧٥).
(٧) صحيح البخاري برقم (٦٩٠٢) وصحيح مسلم برقم (٢١٥٨).
(٨) صحيح البخاري برقم (٦٢٥٠) وصحيح مسلم برقم (٢١٥٥) وسنن أبي داود برقم (٥١٨٧) وسنن الترمذي برقم (٢٧١١) والنسائي في السنن الكبرى برقم (١٠١٦٠) وسنن ابن ماجه برقم (٣٧٠٩).