للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك فإنا نظن أن ما يذكره الأطباء من أنواع المعارف التي يحصلون عليها من إجراء التجارب على الأجنة، وتكون سبباً في الوقاية من بعض الأمراض والعيوب. التي تنغص على الإنسان حياته، تلك المعارف لا تقل عن مرتبة الحاجيات وقد تنزل منزلة الضروريات بسبب اتصافها بصفة الشمول، وعموم نفعها على جنس الإنسان. ومثال ذلك ما يذكرونه من تحصيل المعارف المؤدية إلى الوقاية من الإجهاض التلقائي وبعض أنواع العقم عند الرجال، وبعض المعارف التي توصل إلى طرق لتعجيل اكتشاف الأمراض الوراثية والتشوهات الخلقية الخطيرة، فتمكن الأطباء من معرفة وجودها في الجنين قبل نفخ الروح فيه، فإن تلك الآفات شديدة الخطورة، وتتسبب في موت المولود بعد الولادة بأيام أو أشهر، وإن عاش معها أكثر من ذلك عاش حياة متخلفة سقيمة، وتشخيص حالاتها في الوقت الراهن لا يمكن أن يتم إلا بعد الأسبوع السادس عشر، كما يقول أهل الاختصاص (١) أي بعد نفخ الروح أو قبله بقليل، والراجح جواز إسقاط الأجنة المصابة بها إذا عرفت قبل نفخ الروح، ويمتنع المفتون - بحق - عن الإفتاء بجواز إسقاطها بعد نفخ الروح؛ فإن الآفات المذكورة تفوت على قطاع كبير غير محصور من البشر حاجات كبيرة، وتسبب لهم حرجاً شديداً، وإنقاذهم منها تلبية لتلك الحاجات ودفع لذلك الحرج.

وكذلك يمكن أن يقال فيما ذكره الأطباء من تحصيل بعض العقاقير واللقاحات والمضادات المفيدة في العلاج والوقاية من أمراض تنتشر بين الناس، ولا ترجى الوقاية منها بغير ذلك.

نعم يذكر بعض الأطباء أن الأجنة المجهضة قد تستعمل لتحصيل منافع تقل في قيمتها عما تقدم، وربما كانت من التحسينيات، أو أقل منها، وربما كانت من باب التوسع في تلبية شهوة البحث العلمي

، ولا تؤدي إلى منافع عملية، وربما كانت من قبيل التوسع في طلب مشتهيات الإنسان، كاستخراج يعض مستحضرات التجميل من الأجنة (٢) فهذه لا شك في أنها منافع هابطة القيمة، ومصالح ملغاة، ولا تستحق أن توضع في كفة الميزان في مقابلة ما ذكرنا من مفاسد اجهاض الأجنة التي لم ينفخ فيها الروح.


(١) انظر مقالاً للدكتور نجم عبد الله عبد الواحد في مجلة المجتمع عدد ٩٣٥ الصادر في ٣ أكتوبر ٩٨٩ام تحت عنوان: "إجهاض الأجنة المريضة وراثياً أو المشوهة خلقياً": ص ٥٠ - ٥٣.
(٢) انظر بحث: " انتفاع الإنسان بأعضاء جسم إنسان آخر" للدكتور محمد أيمن صافي: ص ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>