مما لا شك فيه أن الإشراف التام على النقد من حيث نوعه وصفاته وإصداره وكمياته قضية هامة جدا، ولذلك فقد تكلم الفقهاء عن دور الدولة ومسئوليتها في هذا الجانب، وما ينبغي عليها أن تتخذه من إجراءات وأساليب، وفي خصوص ضرب العملة وغشها تكلم الفقهاء فيها سواء بالنسبة للأفراد أو الدولة ممثلة بالحاكم. أما بالنسبة للأفراد فإنهم قد يتدخلون فيما هو من اختصاص الحاكم، فيفتات عليه بضرب النقود، وقد كان هذا موجودا، وإن كان بشكل محدود وفي بعض فترات التاريخ الإسلامي، وهو يحمل شبهة التزوير والغش، وإن كان خالص الذهب، سواء كان في نفس العملة أو عملة أخرى لها تداول في سوق الناس.
وقد بين فقهاؤنا الحكم في مثل هذا بالنسبة للأفراد بأسلوب وقائي وعلاجي.
فقال: يكره لغير الإمام ضرب الدراهم الدنانير، وإن كانت خالصة، لأنه من شأن الإمام، ولأنه لا يؤمن فيه الغش والإفساد، ولأنه يخفي فيغتر به الناس.
وذكر الفقهاء الكراهة هنا محمول على عدم صدور قرار من الحاكم بالتزام العملة المضروبة من الدولة وحدها، ومن جانب آخر: لم تتوافر نية الغش والتزوير ممن يرب هذه العملة المساوية في قيمتها لعملة الدولة، فمن باب سد الذريعة قضوا بذلك، فإن صدر منع أو تحققت نية غش فيأخذ هذا الفعل حكم الفعل المحرم.