فتكاد تجد الأرض في كل الشعوب البدائية ملكًا للمجتمع بأسره، فالهنود في أمريكا الشمالية، وأهل بيرو، وقبائل الهنود التي على تل تشيتاجونج، وأهل بورنيو، وسكان الجزر في البحر الجنوبي، مثل هؤلاء - فيما نرجح - كانوا يملكون الأرض جماعة ويحرثونها جماعة ويقتسمون الثمار جماعة، وفي ذلك قال هنود أوماها:"إن الأرض كالماء والهواء لا يمكن أن تباع"، وكذلك لم يكن بيع الأرض معروفًا في ساموا قبل قدوم الرجل الأبيض، ولقد وجد الأستاذ رفرز شيوعية الأرض لا تزال قائمة في مالينزيا وبولينزيا ويمكنك أن تلحظها اليوم قائمة في داخل ليبريا.
وأما شيوعية القوت فقد كانت أقل من ذلك انتشارًا، فمن المألوف عند "الهمج" أن من يملك طعامًا يقتسمه مع من لا يملك منه شيئًا، كما كان من المألوف كذلك للمسافرين إذا ما أرادوا طعامًا أن يقفوا عند أي دار يشاؤون في طريقهم، بل كان من المألوف أن تستعين الجماعات التي ينزل بها القحط بجيرانها، وكان إذا ما جلس إنسان في الغابة ليأكل وجبته، توقع منه الناس أن يصيح لمن أراد أن يشاطره الطعام قبل أن يبدأ هو في تناوله، وبغير ذلك لا يكون الصواب في جانبه، فلما قص "تيرنر" على رجل من "ساموا"، قصة فقير في لندن، سأله "الهمجي" في دهشة: "وكيف هذا؟ أليس هناك طعام؟ أليس له أصدقاء؟ أليس في المكان بيت للسكنى؟ أين إذن نشأ هذا الفقير؟ أليس لأصدقائه منازل؟ ". والجائع من الهنود ما عليه إلا أن يسأل فيجاب سؤاله بالعطاء، فمهما يكن مورد الطعام ضئيلًا عند المعطي، فإنه لا بد أن يعطي منه هذا السائل ما دام محتاجًا، "فيستحيل أن تجد إنسانًا يعوزه القوت ما دامت الغلال موجودة في مكان بالمدينة ". وكانت العادة عند الهوتنتوت أن يقتسم من يملك أكثر من سواه هذه الزيادة حتى يتساوى الجميع , وقد لاحظ الرحالة البيض أثناء رحلاتهم في أفريقيا قبل أن تدخلها المدنية، لاحظوا أن "الرجل الأسود" إذا ما قدمت له هدية من طعام أو غيره من الأشياء ذوات القيمة، فإنه يقسمها بين ذويه فورًا، وإذا ما أعطى المسافر بدلة لأحد هؤلاء السود، فسرعان ما يرى الموهوب يلبس من الهبة جزءًا كالقبعة مثلًا، ثم يرى صديقًا له يلبس السراويل وصديقًا آخر يرتدي السترة، وكذلك الأسكيمو لا يرون للصائد حقا شخصيا في امتلاك صيده