فالمذهب المالكي حصل به الاتفاق تقريبًا على عدم جواز بيع الحبس حتى وإن خرب , والإمام سحنون يقول:"لم يجز أصحابنا بيع الحبس بحال.
ومعلوم أن ذلك لحرمة الوقف وصونه واحترام إرادة الواقفين ومع ذلك فقد حصل الاتفاق الكامل على جواز هذا البيع إذا كان ذلك لمرفق عام يهم مصالح جماعة المسلمين كتوسعة المسجد والطريق وإنشاء مراكز حربية دفاعية عن حرمة المسلمين وما شابه ذلك من المرافق العامة التي ينتفع بها المسلمون بصفة عامة شاملة والتي يمكن القياس عليها عند حدوث الأقضية ونزول المشاكل والدوافع ومن باب أحرى إذا كانت الحاجة والمصلحة داعية لنزع الأملاك غير المحبسة من أربابها لفائدة المرافق العامة.
وهذا هو أيضًا رأي الحنفية في الموضوع. يقول العلامة الزيلعي شارح الكنز عند الحديث عن الوقف:
"إذا ضاق المسجد على الناس وبجنبه أرض لرجل تؤخذ أرضه بالقيمة كرهًا , لما روي عن الصحابة في هذا الشأن " (١)
وما استعرضناه سابقًا من آراء الفقهاء مع اختلاف مذاهبهم يتلاءم في قواعده العامة ومبادئه الواسعة الشاملة مع ما شرحنا آنفًا في شأن الملك والمصلحة وترابطهما برباط متين.
تراتيب النظم الحديثة الوضعية للانتزاع
جاء الفصل ٥٧ من القانون العقاري القانون العقاري وضعته لجنة من علماء وفقهاء الزيتونة وصدر به أمر ١٩ رمضان ١٣٠٢ الملاقي ١٢ جوان ١٨٨٥. وهو يتكون من ثلاثمائة وواحد وثماثين فصلًا تتعلق بالعقار وحقوقه وكل ما يتصل به. وقد دام العمل بهذا القانون حتى عوضته وحلت محله مجلة الحقوق العينية المعمول بها الآن الصادرة في ١١ شوال ١٣٨٤ الملاقي ١٢ فيفري ١٩٦٥.
والانتزاع أفرد بقوانين خاصة حسبما نراه فيما بعد. وقانون الحالة المدنية التونسي القديم المؤرخ في ٢٧ رمضان ١٣٠٣ الملاقي ماي ١٨٨٦ المشتمل على أربعين فصلًا تخص الولادة والزواج والوفاة والذي نص على ابتداء العمل به في أكتوبر ١٨٨٦ (٣محرم ١٣٠٤) جاء ناصا بفصليه ١١و١٢ على موضوع الانتزاع. التونسي الموضوع ١٣٠٢ /١٨٨٥ قائلًا: