للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهكذا؛ يظل المستثمرون يسحبون ما شاؤوا من المبالغ في أثناء الفترة، مجموع الأيام التي بقيت فيها أموالهم مصروفة في الاستثمار. (١)

هذا هو الحل الوحيد الذي يبدو عمليًا في طريق محاسبة الأرباح على الودائع الاستثمارية في المصارف الإسلامية، ولكنه يحتاج إلى تكييف شرعي تقبله طبيعة الفقه الإسلامي، ونظرًا إلى التصور المعروف للشركة أو المضاربة في الفقه، فإن هناك عدة عوائق في سبيل تطبيقه في الشركة والمضاربة.

١- معرفة الربح الحقيقي تتوقف ـ حسبما ذكره الفقهاء ـ على تنضيض جميع موجودات الشركة حتى إن اقتسام الربح قبل التنضيض يعتبر كالمدفوع تحت الحساب، ويبقى تابعًا للتصفية النهائية بعد التنضيض. أما في العمليات المصرفية، فلا يتصور التنضيض الكلي حتى في نهاية السنة، لأن عمليات التمويل لا تزال فيها جارية بصفة مستمرة كل يوم.

وحل هذه المشكلة فيما يظهر لي ـ والله أعلم ـ أن يصفى حساب الشركة في نهاية كل سنة على أساس التنضيض التقديري، وهو التقويم، وحاصل ذلك أن جميع الأعيان التي يملكها البنك في نهاية السنة من خلال عمليات التمويل، يشتريها مساهمو البنك من سلة الودائع الاستثمارية، ويضاف قيمتها إلى الأموال الناضة، ويوزع الربح على ذلك الأساس، وتنتهي عقود المضاربة والشركة لتلك السنة، وفي بداية السنة الجديدة تعقد الشركة بين المودعين والمساهمين من جديد، وتعتبر قيمة الأعيان المذكورة حصة من رأس مال المساهمين لهذه الشركة الجديدة، لأنهم يشغلونها لصالح السلة الاستثمارية مرة أخرى بعد أن دفعوا قيمتها إلى السلة الاستثمارية وملكوها. وغاية الأمر أن تلزم منه الشركة بالعروض، ولكن ذلك جائز عند المالكية وبعض الحنابلة على أساس القيمة مطلقًا، وعند الشافعي رحمه الله إن كانت من ذوات الأمثال (٢) وعند الحنفية إن اختلطت العروض بعضها ببعض (٣) ولا بأس بالأخذ بقول المالكية في هذه المسألة للتيسير على الناس (٤) .


(١) راجع لطريق هذه المحاسبة وأمثلته (محاسبة الشركات والمصارف في النظام الإسلامي) ، ص ١٧٩ ـ ١٨١، طبع القاهرة سنة ١٤٠٤ هـ.
(٢) المغني، لابن قدامة: ٥/ ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٣) بدائع الصنائع، للكاساني: ٦/ ٥٩.
(٤) راجع امداد الفتاوى، للشيخ أشرف على التهانوي رحمه الله: ٣: ٣٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>