للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اختلف الفقهاء في هذه المسألة على رأيين:

الرأي الأول: للحنفية، والشافعي في الجديد: حيث يرون أن وضع الجوائح ليس من الواجبات، وإنما هو مستحب، وأن المشتري هو الضامن بعد تسلمه المبيع (١)

الرأي الثاني: لمالك وأحمد والشافعي في القديم وأكثر أهل المدينة، وجماعة من أهل الحديث يذهبون إلى أن ما تهلكه الجائحة من الثمار يكون من ضمان البائع.

لكن هؤلاء اختلفوا على رأيين فذهب جماعة منهم: أحمد في ظاهر المذهب إلى عدم التفرقة بين قليل الجائحة وكثيرها، في حين ذهب مالك، والشافعي في القديم، وأحمد في رواية أخرى إلى أن المعيار في ذلك هو الثلث (٢)

ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة هذه الآراء، ولكن الذي يدعمه الحديث السابق، ومقاصد الشريعة هو القول بوضع الجائحة، ثم إن وضع الجائحة نفسها لابد من وضع معيار لها، فأرى أن تقديرها بثلث المبلغ أو بما هو خارج عن العادة والعرف؛ مطلوب ومحقق الغرض المنشود.

وعلى ضوء ذلك فإنه إذا حدث تضخم كبير – في حدود الثلث – للنقد، فإن المدين يتحمله، قياسًا على مسألة الجوائح في الثمار، اعتبارًا بأن الانخفاض الكبير – في حدود الثلث – مصيبة نزلت بالدائن دون تسبب منه ولا من المدين.


(١) يراجع: تحفة الفقهاء، ط. قطر: ٢ / ٥٦؛ وبداية المجتهد: ٢ / ١٨٦؛ وشرح صحيح مسلم للنووي: ٥ / ٤٨٣؛ والمغني لابن قدامة: ٤ / ١١٨ – ١٢٠؛ ومجموع الفتاوى؛ ٣٠ / ٢٧٩.
(٢) المصادر السابقة نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>