للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا البديل معظم المقاصد التي يتوخاها العاقدان في الإجارة المنتهية بالتمليك.

وهذا البديل أجازه بعض الفقهاء حيث نص المالكية على أنه يجوز بيع شيء مع اشتراط منع المشتري من التصرف في العين المبيعة بأي نوع من أنواع التصرفات –معاوضة أو تبرعاً- حتى يؤدي المشتري الثمن كاملاً، وإلا انفسخ العقد، واعتبروه بمثابة الرهن (١) ، وهذا الرأي هو رأي ابن شبرمه، وابن تيمية، وابن القيم (٢) الذين يصححون كل شرط إلا شرطاً خالف نصاً من الكتاب والسنة.

٣-عقد بيع بالتقسيط مع إعطاء الخيار (أي خيار الشرط) للبائع، أو المشتري، أو لكليهما وذلك بأن يقول: بعت لك هذه الطيارة بمبلغ كذا على أن تقسط المبلغ على عشرين شهراً كل شهر تدفع كذا، ولي الخيار لمدة عشرين شهراً.

وهذا العقد بهذه الصورة جائز عند من أجاز أن تكون مدة الخيار مدة طويلة معلومة وهو مذهب أحمد، ومحمد بن الحسن الشيباني، وأبي يوسف، صاحبي أبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمه، والثوري، وابن المنذر، وإسحاق بن راهويه، وأبي ثور، حيث ذهبوا إلى تفويض مدة الخيار إلى العاقدين (٣) .

٤-صيغة العقد على أساس الهبة بثواب (أي بعوض) بأن يقول صاحب الدار، أو المعدات: "وهبتك هذه الدار على أن تعطيني أو بشرط أن تعطيني في كل شهر مبلغ كذا لمدة عشرين شهراً مثلاً".

وهذه أيضاً جائزة عند الفقهاء، فقد ذكر صاحب الدر المختار أن البيع لا يشمل الهبة بعوض، وعلق على ذلك ابن عابدين بقوله: "فإنه: (أي المذكور أي الهبة بعوض) ليس ببيع ابتداءً وإن كان في حكمه بقاءً.. وكذا لو وهبه شيئاً على أن يعوضه عنه شيئاً معيناً فهو هبة ابتداءً مع وجود المبادلة المشروطة" (٤) .

ثم ذكر أن الهبة بشرط العوض وإن كانت في معنى البيع، لكنه يشترط فيها شروط الهبة وليست البيع، فقال صاحب الدر المختار: "ولذا يشترط فيه شرائط الهبة كقبض، وإفراز، وعدم شيوع"ولو كان العوض يسيراً كما أن العوض يمنع جواز رجوع الواهب عن هبته (٥) .

وقال الحطاب المالكي: "إذا قال: وإن أعطيتني.. دارك فقد التزمت لك بكذا، أو ملك بكذا.. فهذا من باب الهبة" (٦) ، وجاء في الشرح الكبير: "وجاز للواهب شرط الثواب أي العوض على هبته.. نحو وهبتك هذا بمائة، أو على أن تثيبني، ولزم الثواب بتعيينه إن قبل الموهوب له فيلزمه دفع ما عين، وأما عقد الهبة المشروط فيها الثواب فلازم للواهب بالقبض عين الثواب أم لا"، وعلق عليه الدسوقي فقال: وأما الموهوب له فلا يلزمه إلا بالفوات، وما ذكره الشارح من لزومها بالقبض للواهب عين الثواب، أم لا غير ظاهر، فإن توقف لزوم العقد على القبض وإنما هو إذا كان الثواب غير معين، وأما إذا عين الثواب عند عقد الهبة ورضي الموهوب له فلا يتوقف اللزوم على قبض بل يلزم العقد كلاً منهما بسبب تعيينه كالبيع ... ، ولذا قال البساطي: "ولزم العقد بتعيينه أي الثواب" (٧) .


(١) يراجع فتح العلي المالك: ١/٣٦٤؛ ود. الشاذلي: نظرية الشرط، ص٢١٧،٣٦٥.
(٢) مجموع الفتاوى: ٢٩/٣٥٠؛ وإعلام الموقعين: ٣/٣٨٩.
(٣) المغني لابن قدامة: ٣/٤٩٨؛ ومطالب أولي النهي: ٣/٨٩؛ والمبسوط: ١٣/٤١؛ والفتاوى الهندية: ٣/٣٨؛ والمجموع: ٩/١٩٠؛ والمحلى لابن حزم: ٨/٣٧٣؛ ويراجع: الخيار وأثره في العقود للدكتور عبد الستار أبو غدة، ط. دلة البركة، ص٢٢١.
(٤) حاشية ابن عابدين: ٤/٥.
(٥) المصدر السابق: ٤/٥١٧.
(٦) الالتزامات للحطاب، ص٢١١.
(٧) الشرح الكبير مع الدسوقي: ٤/١١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>