للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول كذلك: إن الدرهم والدينار أثمان المبيعات. والثمن هو المعيار الذي يعرف به تقويم الأموال فيجب أن يكون محددًا مضبوطًا لا يرتفع ولا ينخفض، إذ لو كان الثمن يرتفع وينخفض كالسلع لم يكن لنا ثمن نعتبر به المبيعات، بل الجميع سلع، وحاجة الناس إلى ثمن يعتبرون به المبيعات حاجة ضرورية عامة، وذلك لا يكون إلا بسعر تعرف به القيمة، وذلك لا يكون إلا بثمن تقوم به الأشياء. ويستمر على حالة واحدة، ولا يقوم هو بغيره إذ يصير سلعة يرتفع وينخفض فتفسد معاملات الناس ويقع الخلف ويشتد الضرر. . . فالأثمان لا تقصد بعينها بل يقصد التوصل بها إلى السلع، فإذا صارت في نفسها سلعًا تقصد لأعيانها فسد أمر الناس. (١)

- يقول القرافي: إن السلع وإن كانت ذوات أمثال فإنها مقاصد والنقدان وسيلتان لتحصيل المثمنات، والمقاصد أشرف من الوسائل إجماعًا (٢) .

- ويقول ابن تيمية: والدراهم والدنانير لا تقصد لذاتها بل هي وسيلة إلى التعامل بها ولهذا كانت أثمانًا بخلاف سائر الأموال فإن المقصود الانتفاع بها. والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل المقصود بها كيفما كانت (٣) .

- ويقول الإمام الغزالي عن الدراهم والدنانير: " لا غرض في عينهما، فإذا اتجر في عينهما فقد اتخذهما مقصودًا على خلاف الحكمة " (٤) ، ويقول كذلك: " فأما من معه نقد – فلو جاز له أن يبيعه بالنقد – فيتخذ التعامل على النقد غاية عمله، فيبقى النقد مقيدًا عنده وينزل منزلة المكنوز – حتى يقول – فلا معنى لبيع النقد بالنقد إلا اتخاذ النقد مقصودًا للادخار وهو ظلم" (٥) .

هذه الأقوال ترسي معالم أساسية لنظرة الاقتصاد الإسلامي للاتجار في العملات وتتجه لتقييده إن لم نقل منعه، كذلك فإنها تدعو لإصلاحات هيكلية في بنية الاقتصاد، وفي رسم سياسات الصرف الأجنبي حتى تحافظ أسعار العملات على استقرارها وتوازنها بحيث لا يتاح مجالاً واسعًا للمتاجرة فيها بقصد الإفادة من فروق أسعار الصرف.


(١) ابن القيم، إعلام الموقعين: ٢ / ١٥٦.
(٢) القرافي، الفروق: ٣ / ٢٥٦.
(٣) ابن تيمية، الفتاوى: ١٩ / ٢٥١- ٢٥٢.
(٤) الغزالي إحياء علوم الدين: ٤/ ٨٩ – ٩١.
(٥) الغزالي، إحياء علوم الدين: ٤/ ٨٩ – ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>