للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرابع: شروط الحكم وهل يملك الحكم

أو من حكمه الرجوع عن الحكم؟

إذا تحققت الشروط المعتبرة في التحكيم وهي التي سبق بيانها فإن الحكم الصادر فيه يكون لازمًا لطرفيه واجب النفاذ.

قال الماوردي: وإذا جاز التحكيم في الأحكام فنفاذ حكمه مقيد بأربعة شروط (١) ، وقال: فيما يصير الحكم به لازمًا لها وفيه قولان للشافعي:

أحدهما: أنه لا يلزمهما الحكم إلا بالتزامه بعد الحكم كالفتيا؛ لأنه لما وقف على خيارهما في الابتداء وجب أني يقف على خيارهما في الانتهاء وهو قول المزني.

والقول الثاني: وهو قول الكوفيين وأكثر أصحابنا أنه يكون بحكم المحكم لازمًا لهما ولا يقف بعد الحكم على خيارهما لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال: ((من حكم بين اثنين تراضيًا به فلم يعدل بينهما فعليه لعنة الله)) (٢) فكان الوعيد دليلًا على لزوم حكمه كما قال في الشهادة: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: ٢٨٣] ولحديث: ((إذا كنتم ثلاثة فأمروا عليكم واحدًا)) (٣) فصار بتأميرهم له نافذ الحكم عليهم كنفوذه لو كان واليًا عليهم، وذلك انعقدت الإمامة للإمام باختيار أهل الاختيار (٤) .

وذكر في تنوير الأبصار وشرحه الدر المختار: فإن حكم لزمهما ولا يبطل حكمه بعزلهما لصدوره عن ولاية شرعية (٥) وكذلك نص المالكية فقد جاء في التبصرة: ولا يشترط دوام الرضا إلى حين نفوذ الحكم بل لو أقاما البينة عنده ثم بدا لأحدهما قبل أن يحكم فليقض بينهما ويجوز حكمه، وقال أصبغ: لكل واحد منهما الرجوع ما لم ينشبا في الخصومة عنده فيلزمهما التمادي فيها كما ليس لأحدهما إذا ترافعا الخصومة عند القاضي أن يوكل وكيلًا أو بعزله.

وقال سحنون في كتاب ابنه: لكل واحد منهما الرجوع ما لم يفصل الحكم بينهما وقال ابن الماجشون: ليس لأحدهما الرجوع كان ذلك قبل أن يتقاعد صاحبه أو بعده ما ناشبه الخصومة وحكم لازم لهما (٦) .


(١) أدب القاضي جـ ٢ / ٣٨٠
(٢) الحديث
(٣) كشف الخفاء ومزيل الإلباس جـ ١ / والحديث برقم ٢٦٧
(٤) أدب القاضي جـ ٢ / ٣٨٢، ٣٨٣
(٥) حاشية رد المحتار جـ ٥ / ٤٢٩.
(٦) تبصرة الحكام لابن فرحون جـ ٢ / ٥٥، ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>