وهذا الكلام يبدو أنه مأخوذ عن الشافعية لكن لم يقل لنا هل قائل هذا الكلام قال: إن هذا البيع صحيح أم غير صحيح؟ وذكر أيضاً بعد ذلك.
وقال بعضهم: السلم شرعًا بيع موصوف في الذمة.
ووقف عند هذا، ثم قال: من زاد فيه ببدل يعطى عاجلاً، وهؤلاء هم جمهور الفقهاء. وبعض الإخوة في تعليقي على بحثي في السلم قالوا: إن هذا ليس رأي الجمهور. هذا هو رأي الجمهور، في بحثي نقلت ثلاثة نقول عن ثلاثة مذاهب (مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة) ، كلهم ينصون على التعجيل في عقد السلم كونه داخلاً في حقيقة أو خارجاً هذا لا يهم. نعرف أن الفقهاء قد يذكرون الشروط في التعريفات. فهم ذكروه في الشرط وأدخلوه في حقيقة عقد السلم. الشافعية وحدهم هم الذين لا يذكرونه. لكن مع ذلك إن رأيي أيضاً أن عقد التوريد لا يدخل في بيع الدين بالدين الممنوع. هو بيع دين بدين لا يوجد في ذلك شك. وبعض الإخوة الذي علقوا قالوا ليس هذا بيع دين بدين هذا كلام غير صحيح، هو بيع دين بدين والمالكية يسمونه إبداء الدين بالدين. ثبت في ذمة المشتري الثمن وثبت في ذمة البائع المبيع. فهذا بيع دين بدين له أنواع كثيرة خصوصاً عند المالكية. هذا ابتداء الدين بالدين. وهذا هو الذر- فيما أذكر – منعه ابن القيم. ابن القيم أنه يجيز بيع الدين بالدين، ما عدا ابتداء الدين بالدين وعلله بأنه فيه شغل ذمتين من غير فائدة، هذا تعليله له. ورأيي أنا في هذا –في بيع الدين بالدين- ودونته في (كتاب الغرر) أنه جائز إلا إذا أدى إلى ربا، الصورة الممنوعة هي ما تؤدي إلى ربا، لكن بقية الصورة جائزة حتى الصورة التي منعها ابن القيم؛ لأنه قد يكون للمتعاقدين غرض سليم في تأجيل البدلين كما في هذه المسألة. ولذلك فإن رأيي أيضاً لا يدخل في بيع الدين بالدين.
يبقى بعد ذلك أن أقرر أن هذا رأي فيه مخالفة لرأي الجمهور وهذا سبب توقفي فيه، وإذا أصدر المجمع فيه قراراً فإن هذا قد يقويه خصوصاً ما تكلم عنه الشيخ المختار، وهذا قد يدخل في الغرر غير المؤثر. إذا قلنا: إن هناك حاجة إلى هذا العقد وذكرت لكم أن الضابط وهذا محل اتفاق بين الفقهاء أن العقد الذي فيه غرر ولو كان كثيراً حتى ولو كان في عقد من عقود المعاوضات إذا دعت إليه الحاجة فإنه يغتفر. لكنني لا أستطيع أن أجزم وأقرر الآن إنني أجيز عقد التوريد هذا. الأمر إليكم بعد ما سمعتم رأيي في هذا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.