للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبدأ عقد المناقصة أو عملية المناقصة- باعتبارها مجموعة- من حين النداء أو التحرير- يعني النداء الشفهي أو التحرير الكتابي- حيث الإيجاب وتكون الكتابة بالتقبل هي الإيجاب، إلا أن كل من تقدم بسعر أقل يسقط الإيجاب الأول ولا يتم العقد إلا بعد رسو المعاملة على الأقل من غيره وحصول القبول. كما يطرح سير آخر لهذه المعاملة يجعل التزام الداعي إلى المناقصة- أي الجهة أو الشخص الذي يريد المناقصة – قبولاً متقدماً، وتقديم العروض إيجابات متأخرة، وإذا كانت الطريقة الأولى سليمة- كما يقول الشيخ الجواهري- فإنه يشكل على الثانية بأن قيمة المشروع كانت مجهولة عند القبول المتقدم، ولكنه يرد عليه بأن مثل هذه الجهالة ليست مما يضر بالعقد، وإن أمكن تحقيق قبول أثناء رسو المعاملة للتخلص من هذا الإشكال.

هذا وقد جاء في البحثين تحديد للفرق بين عقد المناقصة وعقد المقاولة لا نجد داعياً كبيراً للتطرق إليه، إذ المهم هو التكييف الفقهي لهذه العملية. إلا أنه ومن باب التقديم وذكر المماثل تم التعرض للمزايدة وهي أن يعرض البائع سلعة على شارين يتزايدون في الثمن حتى يتفق مع أكبرهم ثمناً. وعقد المزايدة جاء الكلام عنه في كتب السنة والفقه، قال عطاء: أدركت الناس لا يرون بأساً ببيع المغانم فيمن يزيد. وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلساً- وهو كساء لظهر البعير- وقدحاً، وقال من يشتري هذا الحلس والقدح؟ فقال رجل: أخذتهما بدرهم. فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: ((من يزيد على درهم؟ من يزيد على درهم؟)) . فأعطاه رجل درهمين، فباعهما منه" رواه أحمد وأصحاب السنن وقد ذكر العلماء أن موضوع سوم المؤمن على أخيه لا يأتي في المزايدة إلا أن النجش يأتي هنا. وللمجمع قرار في المزايدة يجيز طلب الضمان ممن يريد الدخول فيها مع إعادته إلى كل من لم يرس عليه العطاء. ويحتسب الضمان المالي في الثمن لمن فاز بالصفقة، ولا مانع شرعاً من استيفاء رسم الدخول لكونه ثمناً له.

والمناقصة بطبيعة الحال عكس المزايدة إلا أن هناك كلاماً في الموجب الذي قيل عنه إنه المتقدم بالعطاء. فالموجب في عقد المزايدة هو المشتري وتفي المناقصة هو البائع باعتبار أن كلًّا من هذين يتقدمان بالعطاء. إلا أن الشيخ الجواهري ركز على جعل الموجب في المزايدة أيضاً هو البائع؛ لأن المشتري فيها يتملك بثمن معين وهو يملك ثمنه للغير ولكن تبعاً لتمليك الغير سلعته إياه. فتمليكه تبغي فهو قابل قدم قبوله بلفظ (اشتريت) مثلاً. وبالنسبة للمناقصة فإن المقدم بعرض سلعته أو عمله بثمن معين هو الموجب، إلا أن العارض الثاني الأقل عرضاً يسبق الإيجاب الأول ليحل محله بعد أن التزم الداعي إلى المناقصة باختيار الأفضل فيكون ملزماً بالعرض الثاني ومعرضاً عن الأول. هذا وقد ذكرت هناك أنواع المناقصات أذكرها بسرعة، وهي: مناقصات البيع والشراء، وهذا هو بيع كلي المضمون حالاً كما يقول الشيخ، ومناقصات الاستصناع والسلم، ومناقصات عقد الإجارة لإنشاء مشروع معين على أن تكون مواد المشروع من الجهة الداعية للمناقصة. أيضاً مناقصات الاستثمار بشأن عقد المضاربة والمزارعة والمساقاة، إذ يعلن الداعي عن رغبته في التعاقد مع من يتقدم للاشتراك معه في الربح.

<<  <  ج: ص:  >  >>