للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولإيضاح الحقيقة في هذا الأمر ينبغي لنا أن نتكلم في عدة نقاط:

الأولى: ما هو الضمان البنكي الذي يطلبه المشتري من كل من المشتركين في المناقصة، وما هو التأمين النقدي منهم؟

الثانية: ما هي أقسام هذا الضمان البنكي؟

الثالثة: هل يجوز شرعاً للمشتري أن يأخذ هذا الضمان مطلقاً عند نكول المقاول؟

أما النقطة الأولى: فخلاصة الكلام فيها هو عبارة عن طلب الجهات التي تقوم بالمناقصة من مطالبة:

١- كل مشترك في هذه العملية.

٢- وكل من ترسو عليه العملية ويبرم معه العقد.

بتقديم تأمينات نقدية تبلغ نسبة معينة من قيمة العملية، بشرط أن تصبح هذه التأمينات من حق الجهة التي قامت بالمناقصة في حالة عدم اتخاذ المشترك الإجراءات اللازمة لرسو العملية عليه أو عدم تنفيذ العقد.

ولكن بدلاً عن تكليف المشترك بتقديم هذه التأمينات النقدية وتجميدها، حصل الاتجاه القائل بأن يتقدم المشترك إلى البنك طالباً منه خطاب الضمان.

ومعنى خطاب الضمان: أن يكون البنك كفيلاً وضامناً بقبول دفع مبلغ معين لدى المستفيد من ذلك الخطاب نيابة عن طالب الضمان عند عدم قيام الطالب بالتزامات معينة قبل المستفيد (١) ولكن لا بمعنى الكفالة الاصطلاحي التي هي عبارة عن إحضار المكفول، ولا بمعنى الضمان الاصطلاحي الشرعي الذي هو عند طائفة ضم ذمة إلى ذمة وعند طائفة النقل من ذمة إلى ذمة، بل بمعنى أداء البنك شرط المشترط في حالة عدم قيام المشترط عليه بأداء الشرط مثل ضمان الأعيان المغصوبة التي لا تكون الذمة مشغولة بها ما دامت العين موجودة، فيكون معنى ضمان الأعيان المغصوبة هو ما نحن فيه من التعهد بأدائها (٢)

ويترتب على هذا التعهد بالأداء اشتغال ذمة المتعهد بقيمتها عند تلفها.

ويتحقق تلف الشرط على المشترط: بامتناع المشروط عليه عن أداء الشرط، الذي هو تلف للفعل على مستحقه وبذلك تتحول العهدة الجعلية (التعهد بأداء الشرط) إلى اشتغال ذمة البنك بقيمة ذلك الفعل (أداء الشرط) لأنه من اللوازم العقلانية لدخول ذلك الشرط في العهدة.

وعلى ما تقدم: فإذا تخلف المقاول عن الوفاء، اضطر البنك إلى دفع القيمة المحددة في خطاب الضمان، ويرجع في استيفائها على الشخص الذي صدر خطاب الضمان إجابة لطلبه. وسيأتي زيادة توضيح في تكييف هذا التعهد شرعاً فيما بعد.


(١) راجع البنك اللاربوي في الإسلام/ الشهيد الصدر/ ص ١٢٨
(٢) غاية الأمر أن وقوع العين المغصوبة في عهدة الغاصب قهري، أما وقوع أداء الشرط في عهدة البنك فهو بسبب إنشاء البنك لمثل هذا التعهد المفروض كونه نافذاً بحسب الارتكاز العقلاني الممضى شرعاً. وهذا البحث يأتي في صورة ضمان البنك أو الفرد أداء دين شخص معين.

<<  <  ج: ص:  >  >>