فلا شك أن المودع الذي يرغب في التعامل مع البنوك الإسلامية ابتغاء مرضاة الله وتحاشيًا من الوقوع في التعامل الربوي مع البنوك التقليدية , يضطر مرغمًا لقبول الشروط المعروضة عليه في عقد الإيداع في الحساب الجاري حتى ولو كان على علم ودراية بمعانى الألفاظ المستخدمة في ذلك العقد طالما أن جميع البنوك الإسلامية تضع نفس هذه الشروط. ولأنه إذا لم يوافق على ذلك فلن يكون أمامه إلا أحد بديلين: إما أن يضع أمواله في منزله, أو أن يودعها لدى بنك من البنوك التقليدية. ولا شك أن كلا هذين البديلين يصعب على هذا العميل اتباعه. فيضطر إلى الإذعان لما يملى عليه.
رابعاً: بالنسبة للاستفسار عن ضمان الحسابات الجارية, وهل هو على المساهمين والمودعين أم على المساهمين وحدهم. فيتضح من كل ما سبق أن البنك ويمثله المساهمون هو الذي يتعين عليه ضمان الوديعة الجارية في حالة استعمالها. لأن البنك كما رأينا تنتقل إليه ملكية أرصدة الحسابات الجارية ويضيفها إلى رأس ماله, ويستحوذ على جميع الأرباح والإيرادات التي قد ترد نتيجة استغلال هذه الأرصدة. أما صاحب الوديعة الجارية فهو دائمًا الطرف المغبون, فإذا كان لديه حساب استثماري بالإضافة إلى الحساب الجاري فكيف نطالبه بضمان أمواله المأخوذة منه جبراً, المستخدمة لصالح البنك فقط.
وجدير بالذكر أن مثل هذا التناقض لا يمكن حدوثه في حالة الأخذ بالاقتراح الذي يتقدم به الباحث في هذا الموضوع.
خامساً: فيما يتعلق باستخدام العميل أمواله المودعة في حساب جار كرهن, فإنه في حالة تكييف هذا الحساب على أنه قرض فسيتناقض ذلك مع الشروط الخاصة بعقد الرهن من وجهين, هما كالآتي:
أ-أنه يشترط في الرهن أن يكون مملوكًا للراهن. ومع التسليم بأن ذلك يعتبر شرطًا لنفاذ الرهن وليس شرط صحة , إلى أن رصيد الحساب بموجب التكييف المشار إليه يخرج من ملكية الراهن (المودع) إلى ملكية المستودع (البنك) , مما يمثل تناقضًا مع طبيعة هذا العقد.