للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- بفرض اجتياز سياسة الربط هذه الخطوات، بمعنى عدم وجود محظور شرعي فيها وعدم دخولها في الشروط المرفوضة عند ذلك فقط لا قبله، تدرس آثارها الاقتصادية دراسة عميقة؛ تبين حقاً ما لها من إيجابيات وما عليها من سلبيات، ثم نقارن ونرجح، وفي النهاية نطبق القواعد الشرعية المتعارف عليها، عند تعارض المصالح والمفاسد وعند تعارض الأضرار، وخاصة عندما يكون الربط إجبارياً وسياسة عامة من قبل الدولة.

٥- معنى الفقرة الرابعة، أن مجرد قول الاقتصاديين أو بعضهم بأن هذه السياسة تحقق العدالة وتحقق الكفاءة لا ينهض بمفرده دليلاً على الأخذ بها شرعاً وإنما لابد أولاً من التأكد من عدم دخولها في محظور شرعي، ومما يؤسف له أن الكثير من الدراسات السابقة لم تنتبه لذلك جيداً باستثناء دراسة واحدة فيما اطلعت عليه (١)

٦- من الواضح أن منهج القياس الأرسطي الذي برز في بعض الدراسات السابقة ليس هو المنهج الفقهي المعروف في التعرف على الحكم الشرعي، فمثلاً نجد مثل هذه المقولات: (النقود تستعمل كوسيلة للمدفوعات المؤجلة، والمتلقي لها لا يحصل في فترة التضخم السريع على ما يستحقه حقيقة، وربط المعاملات بالأسعار يصحح هذا الوضع، ومن ثم فهو أقرب إلى روح الشريعة الإسلامية) ، و (التضخم يخل بمبدأ العدالة، والربط يصحح الوضع، والعدالة مطلب إسلامي إذن الربط لا غبار عليه) إلى غير ذلك من المقولات التي لا تسلم من حيث الصياغة والشكل ولا من حيث المضمون، ولعل أقل ما يمكن أن يثار في وجه ذلك، هل العدالة في الربط أمر مؤكد؟ أم هي أمر احتمالي؟ ونحن نعرف أن الاحتمال إذا تطرق إلى شيء لا يصح اتخاذه دليلاً، والمعروف أن خبراء الاقتصاد أنفسهم شككوا قوياً في تعبير الرقم المقاس المختار عن حقيقة التضخم، ومن ثم عن العدالة، بل إن أثر التضخم ذاته على العدالة محل نظر، ويحتاج إلى دراسة كل حالة بحالتها.

خلاصة القول: إن استخدام هذه الأساليب في الوصول إلى الحكم الشرعي محفوف بالمخاطر والمزالق، والأفضل منه استخدام المناهج والأساليب المتعارف عليها بين الفقهاء في معرفة الحكم الشرعي.


(١) وهي الدراسة التي علق بها د. شابرا على دراسة د. عبد المنان

<<  <  ج: ص:  >  >>