ولو أجيب عن هذا الإشكال بأن رسم الاشتراك ليس هو في مقابل الخدمة الممنوحة ومقدماتها المتمثلة في (شراء السلع والخدمات وعملية السحب النقدي من فروع بعض البنوك الأعضاء أو من أجهزة الصرف الآلي التابعة لها، ومن قبول طلب العميل وإجراء فتح الملف وتعريفات الجهات الخارجية التي سيحتاج التعامل معها وبيان حدود الاستخدام، وما إلى ذلك من أمور تتعلق بالخدمة)(١) بل إن رسم الاشتراك يكون في مقابل مقدمات الخدمة الممنوحة بالبطاقة، أما الخدمة نفسها الممنوحة بالبطاقة لقبول الحوالة من قبل البنك فهو عمل يصح أخذ الأجرة عليه، فيأتي الإشكال الثاني.
٢- أن الإرتكاز العرفي والعقلائي يقول: إن عملية الاقتراض أو قبول الحوالة على المحال عليه، أو قبوله لعملية الضمان ليست مما تقابل بالمال لا من المقترض ولا من قبل المسدد له، بل إن العمولة حقيقة هي بإزاء المال المقترض لا في مقابل الاقتراض نفسه أو الضمان نفسه أو قبول الحوالة، وجعل العمولة في مقابل عملية الإقراض وقبول الحوالة والضمان هي مجرد لفظ فقط.
٣- ثم لو فرضنا أن البنك والتاجر قد تحررا من الارتكاز العقلائي المتقدم، وجعلت نسبة الثمن في مقابل قبول الحوالة والضمان، فهل هي صحيحة؟
الجواب: إنها غير صحيحة، وذلك لأن النسبة من الثمن التي هي أجر إنما تصح إذا كان في مقابلها عمل قام به البنك قابل للضمان، أما ما لا ضمان له من الألفاظ والأعمال فلا يصح أخذ الأجرة في مقابله، وهنا نقول: إن مالية قبول الضمان وقبول الحوالة هي نفس مالية المال المعطى إلى المؤسسة التجارية، وليس لقبول الحوالة والضمان مالية مستقلة زائدة عن المال المعطى إلى التاجر، وهذا المال المعطى إلى التاجر مضمون على العميل، فلا يصح أخذ أجرة على نفس عملية قبول الضمان أو الحوالة.
إذن تبين أنه ليس عندنا إلا مالية واحدة وهي (المال الذي يعطيه البنك المصدر للتاجر) وهذه المالية تضاف إلى قبول الحوالة أو الضمان باعتبار نفس المال الذي يعطى إلى التاجر، وحينئذ ليس عندنا إلا ضمان واحد وهو ضمان المال المقترض للعميل وقد سدد إلى التاجر، إذن لا يصح أخذ أجرة عليه ولو من قبل التاجر، فإنه إما آكل للمال بالباطل أو أنه قرض لعميل مع أخذ فائدة من التاجر وهو محرم؛ لأن القرض لا يشترط فيه إلا إرجاع نفس المال المقترض.
التكييف الخامس (أجرة سمسرة إلى البنك المصدر للبطاقة) : إن البنك المصدر للبطاقة للعميل، وللمؤسسة التجارية، يقوم بجملة أعمال تنفع الطرفين فهو يقوم بعملية ترويج التعامل مع المؤسسات التجارية، إذ يؤمن لهم زبائن من الدرجة الأولى ويحصل لهم الدين، كما هو يقوم بتقديم منفعة للعميل، إذ يمكنه من شراء أو تلقي الخدمات في أماكن بعيدة من دون أن يقوم النقد لهم بالفعل، ويسهل عليه كثيرًا من الصعوبات التي تنجم من حمل النقود معه، فالبنك يتمكن أن يأخذ عمولة سمسرة من الطرفين أو من التاجر فقط لقاء هذه المنافع التي يقدمها لهم إذا حصلت صفقات بيع أو تلقي الخدمات في الخارج، أما الضمان الذي يوجد في بعض الحالات (كما إذا كان العميل ليس له حساب دائن لدى البنك) فلا أثر له وذلك لأنه لا تزداد العمولة في مقابله.
(١) راجع بطاقات الائتمان، بيت التمويل الكويتي، ص ٣٠- ٣١