للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالتالي فعلى الصعيد العملي: كان هدفه المرحلي هو إبعاد النظام الإسلامي عن توجيه الحياة الإنسانية، وإحلال النظام الغربية المادية محله، بشكل كلي، أو في غالب الأحوال، وهنا أيضًا تنوعت الأفكار التي مهد بها لهذه العملية، فشملت:

ـ فكرة فصل الدين عن السياسة، وقصر الحياة الدينية على الشؤون الشخصية والعبادية، وترك الشؤون الاجتماعية للفكر التنظيمي الغربي.

ـ وترويج الاتجاه الليبرالي المتحرر من التقيد بالتوجيهات الدينية.

ـ وتحبيذ العلمانية في الحكم بكل صراحة، أو بشيء من غطاء دستوري يذكر الإسلام كدين الدولة تمويهًا، في حين يحجر عليه أن يصوغ مجمل الحياة الاجتماعية إلا بما لا يتعارض مع المصالح الغربية والشخصية الضيقة.

وقد مهدت لهذه الفكرة أفكار أخرى مخادعة من قبيل: (فكرة تعقد الحياة، ولزوم التطوير في كل مجالاتها، وعدم قدرة النظم الدينية على مواكبة هذا التطور، باعتبارها تؤمن بالمطلقات التشريعية، وهذه المطلقات لا تنسجم مع عملية التغيير المستمر، وكذلك فكرة التخويف من الحكومة الدينية، أو ما يسمونه بالاستبداد الديني، مذكرين بما جرى في القرون الوسطى من الظلم الكنسي، وكيف وقفت الكنيسة إلى جانب الإقطاع المستبد، وأن هذا لا ينسجم مع الدولة الديمقراطية (الحديثة) ، وغير ذلك من الأفكار التي مهدت ـ كما قلنا ـ للعلمانية، فإذا بنا نجد الأرض الإسلامية تضج من وجود الحكم العلماني المغلف، دون أن يشعر أكثر الأفراد بمدى الجريمة التي ترتكب عبر ذلك.

والأنكى من ذلك، إن البعض من علماء الغرب ووسائله الإعلامية المحلية العميلة راحت تدعو لإعادة النظر في الإسلام نفسه!!

فهناك من يدعي أن الإسلام قد استنفذ أغراضه التاريخية.

وهناك من يرفع نداءه طارحًا فكرة (البروتسستانتية الإسلامية) .

وهناك من يطرح النظم الغربية أساسًا يجب أن يحور الإسلام نفسه بحيث ينسجم معها، فنجد شيوع تعبيرات: (الديمقراطية الإسلامية، والاشتراكية الإسلامية..إلخ) .

ولما لم يجد أذنًا صاغية راح البعض يطرح الأفكار التلفيقية التي تأخذ من هذا ضغثًا ومن ذاك ضغثًا وتقدمه على أساس أنه الإسلام المواكب لمسيرة التطور!! وهذا القسم الأخير هو أشد الأقسام خطورة على جيلنا الإسلامي الناشئ "واذكر أننا عانينا في إيران من كل الأفكار الماضية كثيرًا، إلا أن الاتجاه التلفيقي بشكله الغربي أو الشرقي كان يشكل عقبة كأداء في عملية أسلمة الحياة الاجتماعية أسلمة كاملة، الأمر الذي اضطرت الثورة الإسلامية معه إلى الضرب بيد من حديد بعد أن تآمر على كل المكاسب الإسلامية".

<<  <  ج: ص:  >  >>